قال النائب السابق الدكتور مصطفى علّوش لـ “الديار” أن “طبخة الموازنة أتت كأنها خليط عشوائي من الضرائب، مع العلم أن الحكومة ومجلس النواب هما بحاجة للقيام بواجباتهما، ولذلك هما مضطران القيام بمحاولة لوضع جدول المعالجة، والكتل النيابية أيضاً بدت تائهة وضائعة، وذلك في اللحظة التي يغيب فيها الإنتظام في الجلسات جراء الشغور الرئاسي، وبالتالي، كل ما يحصل هو مجرّد عملية “ترقيع” بحيث أنه في الإجمال ما من معالجة، وما من خطط أو موازنة على مستوى الوضع.
هذا يعني أنها لا تتماشى مع عملية التعافي المطلوبة؟ يجيب: “أن التعافي، وبمعزل عن وجود الموازنة، يحتاج إلى فتح أبواب الإستثمارات التي هي بحاجة إلى استقرار أمني وتشريعي، وحتى أن هذا الأمر يتطلّب علاقات جدية مع الدول العربية، وأيضاً على المستوى القضائي، فإن المستثمر يجب أن يكون واثقاً بأنه في حال تعرّض لأي مشكلة واضطرّ إلى تقديم شكوى ضد أيٍ كان، فهو قادر على الحصول على حقه في القضاء. وبالتالي، فإن التعافي غير مرتبط بالموازنة، لأن الموازنة ترتبط بالتعافي فقط عندما يكون هناك استقرار واستثمارات في البلاد، ولكن إذا أراد أي مواطن لبناني أن يستثمر، فمن أين سيتمكن من الحصول على رأس المال لتنفيذ أي مشروع، فأمواله محجوزة في المصارف، فيما الأموال التي يحتفظ بها في منزله، هو لن يتخلّى عنها لأنها كل ما تبقى له ولا يمكنه الإستغناء عنها؟”.
وحول لقاء سفراء الدول الخمس في عين التينة مع الرئيس نبيه بري بالأمس، يكشف أن “معطياته تشير إلى أنه لن يكون هناك أي خرق في ملف الشغور الرئاسي، حتى أن حزب الله قد أعلن أن الوقت ليس لبحث الملف الرئاسي لأننا مشغولون بأمور أخرى. لذلك، فإن الحراك يهدف فقط للقول من قبل الخماسية بأن الحراك الرئاسي مستمرّ. وعليه، فإن أي خرق مرتبط بمرحلة ما بعد حرب غزة، وأيضاً ما بعد الصراع الذي اتّسعت رقعته في المنطقة بعد قصف القاعدة الأميركية في التنف، وقضية البحر الأحمر”.
وعن عودة الرئيس سعد الحريري الشهر المقبل للمشاركة في الذكرى السنوية لاغتيال والده، وما إذا كان سيعود عن قراره بتعليق عمله السياسي، يرى أن الحريري “سيعود لزيارة ضريح والده الشهيد ونقطة على السطر، وعدا عن ذلك ما من تطوّر في موقفه، لأن المعطيات كلها لا تشير إلى أنه سيعود بمشروع معين، ووفق توقعاتي سيعود في 14 شباط، وسيستقبل بعض الشخصيات السياسية، ولكن في لقاءات ذات طابع شخصي، ثم يغادر”.
وأوضح أن الحريري قد علّق مشاركته في الحياة السياسية “لأنه لم يجد أي طرف سياسي ليلاقيه في مشروعه، وبالتالي فهو فشل على المستويين المحلي والإقليمي، وإذا كان الحريري سيعود حاملاً مشروعاً إقليمياً، فعندها سيكون من الممكن أن يؤدي ذلك إلى التغيير، ولكن إذا كان سيعود فقط من أجل القول أنه عائد، فهذا أمر آخر”.
وعما إذا كانت قد تبدّلت الظروف التي دفعته إلى المغادرة، يؤكد أنها “لم تتغير”.
أما بالنسبة للوضع في الجنوب، وارتفاع وتيرة المخاوف من حصول عدوان إسرائيلي، يرى علوش، أن “المعطيات تشير إلى أن لا الولايات المتحدة الأميركية ولا إيران تريدان أي تصعيد في المنطقة، والإشكال الأهم هو أن إيران تحاول استدراج عروض في هذه المرحلة للإستفادة من هذا الوضع في غزة، ولم تجد بعد أي طرف يقدم لها أي عرض. لذا، فإن الأمور مفتوحة على كل الإحتمالات، وبالتالي فإن لا حزب الله ولا الحوثيين ولا النجباء في العراق سيوقفون عملياتهم، وفي الوقت نفسه فإن الولايات المتحدة لن تردّ على قصف قاعدتها العسكرية بحرب مفتوحة، ما يجعل الجميع في عنق الزجاجة، واحتمال الحرب وارد كما عدم توسّعها، ولكن الحرب ستبقى مستمرة وطويلة .