اتصل بي د. صالح النصولي، إبن السفير منير النصولي رحمه الله تعالى، وقال لي، إنه جاء الى بيروت ويريد أن يزورني.. طبعاً رحّبت به، خاصة ان قرابة وصداقة تربطني به، منذ أكثر من 45 سنة.
د. صالح خرّيج الجامعة الاميركية في بيروت، لكنه سافر مباشرة الى أميركا وحصل على الدكتوراه في الاقتصاد من أكبر الجامعات الأميركية، وبدأ العمل في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ووصل الى أعلى المراكز.
والآن هو يعيش في واشنطن مع زوجته، وهو قال لي إنه سيمكث في بيروت 5 أيام فقط ليعود بعدها الى واشنطن.
كانت بداية اجتماعاته خلال زيارة لفخامة الرئيس ثم لسماحة المفتي، ولفاعليات سياسية واقتصادية وروحية.
قال لي إنه يمكن أن يقبل بتشكيل حكومة، لكن شرطه الأول أن تكون حكومة اختصاصيين، لا علاقة لها بأي سياسي لأنّ الظروف الحالية لا تتحمّل أي تدخلات سياسية. وقال: «علينا إذا أردنا أن ننقذ البلد من الدرك الأسفل الذي وصلنا إليه أن نبدأ عملية الاصلاح، بحكومة اختصاصيين لا علاقة لوزرائها بأي زعيم أو أي سياسي.. وبذلك تتوفر إمكانية إنقاذ الوطن…».
أضاف: «إنني بحاجة الى 6 أشهر فقط كي أصلح الاقتصاد، وأضع البلد على سكة الأمان. ومن شروطي أيضاً أنّ أي تدخل معي ومع حكومتي مرفوض.. فأنا أحتفظ بـ«شنطة» ثيابي وهي ملازمة لي، فإذا تدخل أي سياسي معي فأني أستقيل وأرجع الى أميركا».
من الأشياء الخاصة التي حدثني بها، أنّ أحد الوزراء الحاليين دعاه الى مطعم صغير لتناول العشاء وقال له: أنظر الازدحام، انظر كيف الناس سعداء، فأين الفقر؟ وأين المشاكل التي تسمع بها… إذ لا وجود لها.
قال: أجبته بأنّ الذين تشاهدهم هنا يشكلون 5.51٪ من الشعب اللبناني أي حوالى 250 أو 300 ألف من أصل خمسة ملايين لبناني، بينما الأكثرية لا يستطيعون أن يدخلوا المستشفى.. وإذا دخلوا لا تتوفر لهم الأدوية، وإذا وجدت فليس معهم المال ليدفعوا ثمنها، وهناك مواطن آخر لا يستطيع أن يدفع ثمن طعامه من خبز ولحم وخضار، ومواطن ثالث لا يملك المال ليدفع ثمن تنكة بنزين، ومواطن آخر لا يملك المال ليدفع ثمن مازوت للمولّد.
وقال إنّ واحداً من المرجعيات طلب منه أن يمدّد إقامته لكنه اعتذر.
هو يؤمن بشدّة بإمكانية إنقاذ البلد من الأزمة الاقتصادية والمالية الخطيرة.. فإذا ابتعدت السياسة عن الحكومة، أي تشكيل حكومة الاختصاصيين فإنّ هناك أملاً بالإنقاذ، والأمثلة على ذلك ما حصل في شركة طيران الشرق الأوسط، إذ كانت تخسر 100 مليون دولار سنوياً فأصبحت تربح 100 مليون.
كذلك الريجي كانت تخسر الملايين فصارت تربح الملايين.
مثل ثالث قلت له: إنّ حاكم مصرف لبنان استطاع أن يحافظ على سعر صرف العملة 30 سنة، ولولا تمنّع الدولة عن دفع سندات اليورو بوند لما وقعنا في هذا الانحطاط.
وهناك الكثير من الكلام، ولكني لا أرى أنّ هناك فائدة لأقول أكثر.