Site icon IMLebanon

ما بين “الحَكيم” و”السيّد”

 

 

كان أسبوع الإطلالات التلفزيونيّة للدكتور سمير جعجع وللسيّد حسن نصرالله. “الحكيم” استفاض طويلاً في الحديث عن ضرورة تطبيق الدستور والقوانين وبسط سيادة الدولة اللبنانيّة على كامل أراضيها، واستفاض عن عدم جواز استباحة الحدود ولا المرافق الشرعيّة، وعن ضرورة الانفتاح من جديد على المجتمع الدولي والعربي والخليجي لكي تُستعاد الثقة بالاقتصاد اللبناني أكان من المقيمين او المغتربين أم العرب والأجانب.

 

كما أكّد الدكتور جعجع أنّه حريصٌ كل الحرصِ على جميع المواقع الوطنيّة والإداريّة والعسكريّة، إبتداءً من منصب رئاسة الجمهوريّة ومروراً بمنصب رئيس الأركان الدرزي، وكان مُصِرّاً على التقيّد بروحيّة وحرفيّة الدستور بما خَصَّ الانتخابات الرئاسيّة التي لا يجوز رفع جلساتها قبل الإنتهاء من انتخاب الرئيس العتيد، فلا يمكن أن تكون نيّة المُشترع تعطيليّة، وإنّ كلّ كلام عن الحوار من أجل الإجماع او التوافق ما هو إلّا ذريعة لإطالة أمَدِ الفراغ لأسباب غير متعلّقة بمصلحة لبنان واللبنانيين، مشيراً الى انتخاب الرئيس برّي بـ65 صوتاً وتكليف الرئيس ميقاتي بـ54 نائباً من دون أن يُعتَبَر هذا الأمر مناقضاً لروحيّة الميثاق.

 

وأنهى جعجع حديثه، أنّ “القوات”، وعلى سبيل المثال، لها علاقات جيّدة مع المملكة العربيّة السعوديّة ومع الولايات المتحدة الاميركيّة لكنّها لم تَنصَع لرغبة الأولى بعدم انتخاب العماد ميشال عون للرئاسة في العام 2016، كما لم تَنصَع لرغبة الثانية بانتخاب العماد عون أيضاً وبرغبتها بإقرار الكابيتال كونترول بصيغته الأولى خلافاً لمصلحة المودعين. الى ذلك، تمسّك الدكتور جعجع بالدولة اللبنانيّة على مساحة الـ10452 كلم مربّعاً وبكامل شعبها من دون انتقاص، وتمسّك بدستورها وقوانينها واقتصادها من دون أن يَزجّ بنفسه بأي موضوع خارجي. يعني كان خطابه خطاباً لبنانيّاً صرفاً يلتقي فيه مع توجّه بكركي والأحزاب والقوى السياديّة والتغييريّة والمستقلّة من مسلمين ومسيحيّين ودروز على امتداد الوطن.

 

في المقابل، استفاض ويستفيض أمين عام “حزب الله” السيّد حسن نصرالله في معظم اطلالاته بالحديث عن إيران والحرس الثوري وفيلق القدس واليمن والحوثيّين والعراق والحشد الشعبي والبحرين وافغانستان وسوريا ومحور الممانعة والصراع الحربيّ الأبدي مع اميركا والغرب واسرائيل والدول الخليجيّة المطبِّعة معها، مع ما يستتبع ذلك من اعتبار لبنان جزءاً لا يتجزأ من هذا المحور فتصبح هموم شعبِه تفصيلاً مُمِلّاً في لعبة الصراعات والمحاور. فخراب الاقتصاد اللبناني وضياع الأموال وانهيار المؤسسات والمستشفيات والمدارس والجامعات والسياحة والصناعة وغياب الكهرباء والماء والبنى التحتيّة تصبح جميعها بمثابة تضحية بسيطة من أجل لعبة الأمم الخارجيّة التي لا دخل لمعظم الشعب اللبناني بها لا من قريب ولا من بعيد.

 

خلاصة القول لبنان يتنازعه مشروعان: مشروع يأخذه بعيداً إلى فلك الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة وطموحاتها ودورها في المنطقة، ونتائج هذا المشروع أصبحت واضحة وملموسة على أوضاع الشعب اللبناني، ومشروع يبذل كلّ جهد لإعادة لبنان التعدّدي الميثاقي إلى تاريخه وإلى حضارته ودوره واقتصاده وانفتاحه وموقعه في منظومة الأمم وفي وسط أشقائه العرب والخليجيّين.

 

حان الوقت أن تَحسُم كلّ القيادات والقوى الوطنيّة والروحيّة والسياسيّة والحزبيّة والشعبيّة، خياراتها بشكلٍ علني، بكلّ جرأة ومن دون تردّد، أيّ لبنان نريد؟ وماذا تنتظرون لانتخاب الرئيس “اللبناني”؟ الدولار بخمسين الف ليرة.