تتسارع التطورات الدراماتيكية في سوريا، بحيث تسعى كل جهة عسكرية لتحقيق مكاسب ميدانية، عسكرية وديموغرافية، لكي تكون هذه الجهات، الموزعة بين النظام السوري، «جيش الفتح» و«تنظيم داعش» الارهابي، محققة اكبر قدر من المكاسب لدى مباشرة الحوار الجدي بين الغرب بقيادة واشنطن من جهة وبين روسيا والجمهورية الاسلامية الايرانية من جهة مقابلة حول مستقبل سوريا ومصير الرئيس بشار الأسد.
وقد بات واضحاً ان الولايات المتحدة الأميركية بحسب مصادر ديبلوماسية، لن تدخل في حوار مع ايران حول دورها في الاقليم العربي وتداعيات سياساتها، الا بعد طيّ صفحة التفاهم المرتقب حول ملفها النووي في نهاية شهر حزيران الحالي، وهي سياسة أرادتها الادارة الاميركية غير متكاملة ومتلازمة حتى لا تستعمل طهران اوراق الواقع العسكري في دول المنطقة، عاملاً ضاغطاً على الرئيس الاميركي باراك اوباما، الذي يتعاطى بمنطق انهزامي مع الجانب الايراني حول الملف النووي.
وتتوزع الحسابات الدولية على الواقع السوري، في اتجاهات ثلاثة حتى حينه، بحيث تدعم دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية المعارضة السورية المتمثلة «بجيش الفتح» الذي انضوت تحت لوائه كل الفصائل العسكرية المعارضة، وهو حقق مؤخراً تقدماً ميدانياً في عدة مناطق.
ويسعى «داعش» لبسط سيطرته على اوسع مساحة ممكنة سواء كان ذلك في سوريا او العراق او السيطرة على مناطق ومدن في غير بقاع من الارض اسوة بما حصل في مدينة سرت الليبية.
في حين يسعى الرئيس السوري للحفاظ على اكبر قدر ممكن من الأراضي السورية، والتموضع عسكرياً على تخوم المنطقة الساحلية «ذات الغالبية العلوية» مشكلا بذلك خطاً سياسياً – عسكرياً في حال التفاوض مستقبلاً من موقع الشريك في حل الأزمة السورية، في موازاة دعم روسي وايراني عدا عن الدور الواضح «لحزب الله» في الحفاظ على النظام حتى الآن.
وفي معطيات المراقبين ذي الصلة بالحركة الدولية، انه بعد طيّ الملف النووي الايراني، سيبدأ النقاش الدولي – العربي – الايراني حول سبل حل الأزمة السورية، لكن على وقع الحسابات المتباينة، لهذه القوى الخارجية، بحيث تكمن «اولوية» واشنطن في قتال «داعش» كتنظيم ارهابي يهدد الى جانب تنظيم «بوكو حرام» المجتمع الدولي وكل المجتمعات الانسانية، لكن حتى حينه لا تزال الولايات المتحدة الأميركية تترقب تدهوراً ميدانياً اكثر لفرقاء القتال في سوريا، مرتاحة في الوقت ذاته للرمال المتحركة التي لن يستطيعوا الخروج منها نتيجة رغبة كل منهم بإلغاء الآخر.
ويتابع المراقبون، بأن مسار الأحداث العسكرية والنقاشات السياسية في الكواليس، تؤشر الى توجه لتشكيل هيئة او حكومة انتقالية تضم الرئيس الأسد والمعارضة الســورية، وفق تسوية تدخل فيها السعودية او مجلس التعاون الخليجي كشريك عربي الى جانب روسيا وايران في رسم مستقبل سوريا، بعد ان كان الدور العربي مبعداً على اكثر من صعيد عن الواقع السوري.
وبذلك ستكون هذه الحكومة هي المولجة قتال «داعش» من خلال تضافر القدرات مع قوات التحالف لكون القضاء على هذا التنظيم يتطلب قتاله بريا عبر قوات تتوافر لها الطاقات العسكرية كافة، لكن هذا المسار يكمل المراقبون ليس مسألة اشهر او اسابيع بل مرحلة طويلة من التحضيرات نظراً للمصالح المتباينة حتى داخل المحور الواحد، على غرار ما هو حالياً بين واشنطن وبين مجلس التعاون وكذلك بين ايران وبين روسيا.
لكن مسودة خريطة الطريق لحل الأزمة السورية، حسب المراقبين باتت محور نقاش اولي وغير مباشر بين المراجع الدولية – الاقليمية المعنية في الملف السوري، كل وفق الموقع الذي هو عليه حلـفاؤه في الداخل والمفترض ان تتعدل لهجة النقاش من جانبه على وقع التوازنات العسكرية او المكاســب التي سيجيرها كل فريق لمصلحته.