غاب موضوع تشكيل الحكومة عن الخطاب الذي ألقاه رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمس، ليحل محله موضوع قانون الانتخابات على الأساس النسبي والدائرة الموسعة، وكأنه بذلك يُشير إلى أن ولادة حكومة العهد الأولى ما زالت متعثرة وليس صحيحاً ما أشيع في الثماني والأربعين ساعة الماضية عن ولادة محتملة لها قبل عيد الميلاد أو على أبعد تقرير قبل رأس السنة الميلادية الذي يصادف بعد أقل من أسبوعين من تاريخه، فما الذي جعل رئيس المجلس يتغاضى عن موضوع الحكومة الذي يشغل الوسط السياسي منذ صدور مرسوم التكليف، هل ثمة عقد جديدة استجدت في الفترة الأخيرة، ليس هو بعيداً عنها كما يتردد في أوساط الرئيس المكلف وحلفائه القدامى والجدد، أم أن مسألة التأليف خرجت من يده، ولم يعد طرفاً فيها بعد أن أدى قسطه للعلا عندما تخلى عن حقيبة الاشغال العامة إلى حليفه الوزير سليمان فرنجية أم أن المسألة هي أبعد من هذا أو ذاك وتتعلق تحديداً بإعاقة متعمدة لانطلاقة العهد التي تنتظر تشكيل حكومته الأولى، فهل إذاً هناك خطة مبرمجة لعرقلة ولادة الحكومة كلما تقدّم الرئيس المكلف خطوة في الاتجاه الصحيح هدفها الأول والأخير استنزاف العهد وهو الكلام الذي راج بعيد صور مرسوم تكليف الرئيس سعد الحريري، وإذا كان لا علاقة للعهد وانطلاقته الموعودة بالأمر، فلماذا العودة فجأة إلى حكومة الثلاثين بعدما كان الاتفاق قد حصل على حكومة الـ24 وتمت توليفة الحكومة على هذا الأساس، وصعد الرئيس المكلف أول من أمس إلى القصر الجمهوري حاملاً تشكيلة الـ24، إذا لم يكن الهدف من وراء ذلك هو استنزاف مبرمج للعهد بمنع انطلاقته بالزخم الذي كان مطلوباً بعد التسوية الدولية والإقليمية والمحلية على انتخابه وبعد الترحيب الدولي الواسع بهذا الانتخاب والذي عبر عن نفسه بالزيارات الرسمية للتهنئة التي شهدها لبنان في الأسابيع التي تلت انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، وذلك بتأخير ولادة وزارته الأولى، ورفع المتاريس في وجهها كلما أزيلت كمثل الانتقال فجأة من الاتفاق على حكومة الـ24 إلى المطالبة بحكومة ثلاثينية وخربطة كل الأوراق والتوليفات التي تمّ الاتفاق عليها في المراحل السابقة وصولاً إلى حدّ بلوغ الهدف المنشود بإعلان التشكيلة الحكومية قبل حلول عيد الميلاد، وهل معنى ذلك العودة إلى نغمة الثلث الضامن أو المعطل بعد توسيع الحكومة وضم كل قوى 8 آذار إليها وإلا ما معنى ما قصده الرئيس برّي بقوله انه غير معني بتشكيلة الـ24 ودعوته إلى حكومة ثلاثينية وهو الذي خاض حرباً ضروساً لتحصيل مكاسب في تشكيلة الـ24 وأبرزها الإبقاء على حقيبة المال من حصته وتسميته الوزير الحالي نفسه مطيحاً بمبدأ المداورة في الحقائب التي كان طالب البعض، ومنهم حزب القوات اللبنانية باعتماده ثم يمنح رئيس تيّار المردة حقيبة الاشغال المسماة على القوات اللبنانية، بعد إصراره على توزير المردة على قاعدة معاً داخل الحكومة ومعاً خارجها حتى إنه استغرب قبل يومين لماذا لم تصدر مراسيم التشكيلة، فهل يعني هذا كلّه من ضمن المناورات المعهودة للحصول إلى أكبر المكاسب أم إنه يدخل من ضمن المناورات السياسية المكشوفة، أم هو من ضمن لعبة شد الحبال أم أن الأمر الأخير هو استنزاف العهد؟