«هذا المقال نشر منذ عامين ونصف في هذا الهامش، والحال اللبناني ما زالت على ما هو عليه، وهذا المقال هو محض خيال لمنام رآه مواطن لبناني هو أيضاً.. محضُ خيال»…
… كان يقفز فرحاً مبتهجاً، «ولك مات… ماااات… خلص… انحلّت مشاكلنا» عجّل المواطن وسجد ركعتي شكر لله واغرورقت عيناه بالدموع، ضرب كفّ بكفّ واستغرق في الضحك، بدأ يخاطب نفسه من شدّة فرحه شاكراً الله على هذا الحلّ السحريّ، مسح وجهه بكفيّه من الفرح، أخذ نفس عميقاً وزفر زفرة انتهت بأفٍّ ثقيلة: يخرب بيتو.. خرب البلد.. قرّفنا حياتنا.. نخرنا راسنا، وضع المواطن كفيّه على فمه شهق «ياااايْ» مات.. وأخيراً مات!!
لم يلبث المواطن أن سمع ضجيجاً خلف باب منزله ركض بالبيجاما فتح الباب شاهد ازدحاماً كلّ جيرانه في المبنى احتشدوا على السلّم أفواجاً خلف بعضهم ينزلون رجال تكبّر وآخرون يمجّدون الربّ يباركون لبعضهم «زمط البلد.. ع شويّ كان راح وكنّا رحنا معو»…النساء تزغرد والـ»آويها» ترجّ المبنى رجّاً:»آويها.. راح النحس عنّا..وآويها.. مات وما تهنّى.. وآويها.. هالشعب منّو ارتاح.. وآويها.. احترق قلبو وما نال ما تمنّى»!!
وصار المواطن ومعه وسكان المبنى ولاحقاً الشعب محتشدون في الساحات، غمر اللبنانيون بعضهم بالقبلات، التفت المواطن حوله، ورغم الازدحام، لمح المواطن وسط الحشود جماعة «الرّاحل» سود الوجوه، كاليتامى حائرين لا يدرون ماذا يفعلون، جلسوا على رؤوسهم الطّير حائرون ماذا سيفعلون من بعده، بدا وكأنّهم يستعدون لحضور «النّوبة» لرثائه!! تذكروا الراحلة سلوى القطريب، وأغنيتها «كنّا شي مية وخمسين بدفن المرحوم بو ياسين» وكلّ المفارقات التي رافقتها «سمعو أنين.. قالو مين.. وقفوا كلّن فزعانين.. طلعوا بسينات.. بو ياسين»…
كان المواطن يتقلّب في سريره طولاً وعرضاً، فهو مرهق بعد يوم عمل متعب، كانت قيلولته قد انتهت بعد ظهر ذاك اليوم، صحا على صوت ارتطامه بالأرض، فتح عينيه استعاد تفاصيل ما شاهد في نومه، استبشر خيراً، نهض وأمسك بـ»الريموت كونترول«، فتح التلفاز علّه يقرأ خبراً عاجلاً ما، لحظات وقرأ «نقل مباشر».. فجأة قفز وجه الرّجل الذي ابتهج بموته أمام ناظريه على الشاشة يهدّد ويتوعّد، ضرب بكفّه على جبينه: «أوووف.. انكتبلو عمر جديد».. هكذا فسّر منامه، جلس على حافّة السرير حزيناً مهموماً يتساءل في خاطره «يا ربّ، متى ستنتهي هذه المأساة الوطنيّة».. سمع صوت وعبر الشاشة «الراحل المفترض» ما زال يصرخ في وجهه ووجه الشاشة ووجوه الجميع، سمع صوت ارتطامٍ بالأرض وعلا الصراخ، التفت نحو الشاشة رأى الرّجل الذي يتحكّم بمصير الشعب والبلد ملقىّ على الأرض، الإعلاميّون في ذهول، جماعته يحاولون إسعافه اصفرّت وجوههم بالكاد نطق واحد منهم : مات!!
وإن هي إلا دقائق حتى سمع المواطن ضجيجاً خلف باب منزله ركض بـ»البيجاما» فتح الباب شاهد ازدحاماً كلّ جيرانه في المبنى احتشدوا على السلّم أفواجاً خلف بعضهم ينزلون رجال تكبّر وآخرون يمجّدون الربّ يباركون لبعضهم «زمط البلد.. ع شويّ كان راح وكنّا رحنا معو»… النساء تزغرد والـ»آويها» ترجّ المبنى رجّاً: «آويها.. راح النحس عنّا.. وآويها.. مات وما تهنّى.. وآويها.. هالشعب منّو ارتاح.. وآويها.. احترق قلبو وما نال ما تمنّى»!!
يستطيع كلّ مواطن لبناني إسقاط خياله واختيار من يراه مناسباً ليقع عليه قدر الموت في هذا المنام.
*الحقوق الأدبيّة لهذا النصّ تعود للكاتبة، فهو مشهد من مسرحية «إجتماع الحمير والمواطنين تحت الشرفة الجميلة».
ميرڤت سيوفي