التأمين الإلزامي يحمي ضحاياكم
لاقى أحد الشبان حتفه بعد أن صدمته سيارة مجهولة على أوتوستراد بلدة أنفة، وقبله عممت المديرية العامة للأمن الداخلي صورة سيارة صدمت سائقتها أحد المارة ولاذت بالفرار، وقبل ذلك توفى مواطن في المستشفى بعد معاناة لشهرين جراء إصابات حادة تعرض لها حين صدمه سائق أرعن وفرّ هارباً. «جرائم» صدم وفرار تتكرر مخلّفة ضحايا أبرياء. فكيف يحمي المواطن نفسه وحقوقه منها؟ وهل الهروب ممكن ومتاح؟ لا تطمئنوا.
قانوناً الصدم والفرار جريمة يعاقب عليها القانون اللبناني وليس مجرد حادث سير عابر والنصوص القانونية التي تعنى بحوادث الصدم في لبنان عديدة وتطبق في النزاعات القضائية التي تترتب عنها، لكن حين يختفي الجاني يصبح القانون كسيحاً لا يصل بصاحب الحق إلى مكان.
في القانون
المحامي صلاح مطر يقول: «تنقسم المواد القانونية التي تعنى بحوادث الصدم بين مدنية وجزائية. فالمواد ذات الطابع المدني مثل المادة 131 وما يليها من قانون الموجبات والعقود تلزم مالك السيارة بالمسؤولية في حال وقوع ضرر ما حتى عندما لا تكون السيارة تحت إدارته إلا إذا أقام البرهان على وجود قوة قاهرة أو خطأ من المتضرر».
يضيف مطر: «أما المواد الجزائية كالمواد 564 و 565 من قانون العقوبات فتتحدث عن إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين التي قد تتسبب بموت أحد او بإيذائه. وقد خصصت المادة 566 من قانون العقوبات عقوبة لكل سائق مركبة تسبّب بحادث ولو مادي ولم يقف فوراً أو لم يعنَ بالمجنى عليه أو حاول التملّص من تبعة الصدم بالهروب».
ألزمت المادة الثانية من المرسوم الاشتراعي رقم 105/77 كل مالك مركبة في لبنان أن يعقد ضماناً لدى هيئة ضمان مرخص لها يغطي المسؤولية المدنية التي يمكن ان تترتب عن الأضرار الجسدية التي تسببها مركبته للغير بحيث يكون للمتضرر من حادث صدم او لورثته في حالة وفاته، حق مداعاة شركة الضمان على أن تقدم الدعوى ضمن مهلة عامين.
«حوادث الصدم التي ينتج عنها مصابون يغطيها التأمين الإلزامي بنسبة 100%»، كما يؤكد خبير السير إيلي رشيد ويضيف: «إذا وقع الحادث بين سيارتين أو أكثر تقسّم التغطية بينها حسب مسؤولية كل سيارة وفي حال دخول المستشفى تبادر شركات التأمين إلى دفع المتوجبات وتغطية الإستشفاء بالتساوي إلى حين تحديد المسؤوليات. أما في حال الوفاة فيتم تقدير «الفدية» تبعاً لعمر الضحية وإنتاجها وعدد أولادها ويتراوح مبلغ الفدية عادة بين 20 و 40 ألف دولار يدفعها التأمين الإلزامي. وعند وجود جرحى يغطي التأمين الإلزامي الجرحى المتواجدين في السيارة الثانية ولا يغطي سائق السيارة المؤمنة أو الركاب الذين معه إذا كانوا من أفراد عائلته أما إن كانوا من غير العائلة فالتأمين يؤمن تغطيتهم، فيما يقوم تأمين السيارة المقابلة بتغطية السائق والركاب وذلك وفقاً لمسؤولية كل سيارة. وفي حال حدوث عطل دائم فإن المحكمة، بموجب تقرير الطبيب الشرعي تقرر مبالغ التغطية المتوجبة. أما في حال كان السائق مخالفاً بأي نوع من المخالفات كالقيادة عكس السير أو الإنطلاق عند الإشارة الحمراء أو إذا كان تحت السن فإن التأمين الإلزامي لا يقوم بتغطية أي ضرر جسدي يتسبب به وتتنصل شركات التأمين من المسؤولية».
في حال فرار المتسبب بحادث الصدم، يكون للمتضرر الحق برفع دعوى ضد مجهول والمطالبة بنفقات الإستشفاء والعطل والضرر والتعويض على أن تقوم المحكمة المختصة بتحديد المبالغ المتوجبة، كما له الحق في اتخاذ التدابير التي من شأنها تحصيل حقه، كإلقاء الحجز على ممتلكات المدعى عليه إذا تم العثور عليه وصولاً الى تحصيل حقوقه.
وهذا ما يؤكده الجنرال جوزيف مسلم رئيس شعبة العلاقات العامة في الأمن الداخلي إذ قال: «إن الصدم والفرار جريمة في حال أدى الحادث إلى أضرار جسدية أو مادية، وتتحول الى جريمة كبرى إذا حصلت وفاة. ويتمّ البحث عن الجاني، وإذا تم تحديد هويته والتوصل إلى مكانه يتم سوقه إلى العدالة بعد التواصل مع النيابة العامة ولا بد أن يتحمل مسؤولية ما ارتكب».
جريمة بلا عقاب
القانون إذاً يحفظ للمتضرّر حقه والقوى الأمنية تساهم في جلب المتسبب بالحادث ليتحمل مسؤولية أعماله ولكن ماذا لو فرّ الجاني وعجزت القوى الأمنية عن تحديد هويته أو القبض عليه؟
الأمثلة عن ذلك كثيرة لا سيما إذا حصل الحادث ليلاً أو في مناطق بعيدة عن حركة السير المعتادة، عندها يكون «اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب وبتروح على من مات» أو يتحمل المتضرر وحده الأعباء المالية الهائلة للإستشفاء والعلاجات.
تتعقد الأمور إن لم تكن سيارة الصادم مؤمنة، وهو الأمر الذي نشهده هذه الأيام نظراً لعدم قدرة الكثيرين على دفع تكاليف التأمين الإلزامي رغم كونها غير مرتفعة. هنا تقع الكارثة و»يخترب بيت السائق» حيث يتم توقيفه وإجباره على الدفع من جيبه الخاص أو يتم وضع إشارة على ممتلكاته من القضاء المختص أو سجنه في حال تمنّع أو لم يكن قادراً.
وللمفارقة قد يقع الحق أحياناً وبنسبة ما على الضحية فإذا كان مثلاً يعبر الأوتوستراد وثمة جسر للمشاة قريب فإنه يتحمل جزءاً من المسؤولية قد تصل الى 25% وتصبح التغطية المالية أقل، وقد تتملص شركة التأمين من الدفع كما يؤكد الخبير إيلي رشيد.