في الوقت الذي كان فيه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يعلن من الديمان عن نتائج مشجعة حققتها مهمة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين مع الإسرائيليين متمنياً تحسين هذه النتائج، أطلق «حزب الله» مسيراته باتجاه المنصة العائمة فوق حقل كاريش، وكأنه يبلغ الرئيس ميقاتي والأميركيين أن اللعبة ليست في الديبلوماسية وأن القرار ليس في يد الدولة اللبنانية لأن هذه الدولة لم تكن بالتأكيد على علم بالتحرك العسكري لـ»حزب الله».
«حزب الله» كان أعلن أكثر من مرة أنه يقف خلف قرار الدولة اللبنانية في موضوع ترسيم الحدود البحرية، وهذه الدولة لم تتخذ أي قرار بعد في هذا الشأن ولا سيما لجهة تبني الخط 29، لا بل على العكس أكدت الدولة اللبنانية للوسيط الأميركي ولكل اللبنانيين وللعالم أن منطقة النزاع هي بين الخطين 1 و23 حتى أن حقل قانا الذي يطالب به لبنان كاملاً لا يجعل أي خط متعرج في شأنه، حقل كاريش ضمن منطقة النزاع، وبالتالي فإن إرسال «الحزب» مسيراته إلى ما بعد الخط 23 هو تجاوز لقرار الدولة اللبنانية وهو محاولة لتوريطها وتوريط كل اللبنانيين في مواجهة مع إسرائيل ستكون إذا حصلت مدمرة تجاه كل ما تبقى من لبنان ومن قدرات لدى اللبنانيين، إضافة إلى أن لبنان لا يتمتع بأي من مقومات الصمود على كل الصعد الحياتية والمعيشية والصحية والاقتصادية.
ان الدولة اللبنانية او ما تبقى منها يفترض بمن يعتبر نفسه مسؤولا فيها أن يتخذ خيارات تقرر مصير لبنان واللبنانيين، فإن كان هؤلاء عاجزين عن التحكم بملف ترسيم الحدود البحرية بشكل كامل وتجنيب لبنان الحرب المدمرة، فعليهم أن يعلنوا ذلك صراحة أمام الرأي العام اللبناني والعربي والدولي، وأن يقولوا ان لا قرار ولا قدرة للدولة في هذه الملف وانهم لا يتحملون مسؤولية أي أعمال لا تكون بقرار رسمي وتتمتع بإجماع اللبنانيين.
لقد سئم اللبنانيون أن يكون مصيرهم ومصير بلدهم في يد فئة واحدة من مكونات هذا البلد، وهذا أمر شكا منه المسيحيون والمسلمون في فترات متعددة من تاريخ لبنان واتهمت به فئات مسيحية وإسلامية، وقد حان الوقت لأن يرتبط مصير الوطن بدولة قوية تملك قرارها، لا دولة مسيّرة بمسيّرات.