يتخوّف مستوردو الادوية في لبنان من انهيار تام لهذا القطاع وللشركات العاملة فيه، في حال تقرّر فجأة ومن دون سابق انذار، وقف الدعم عن استيراد الادوية، بسبب الملفات العالقة في مصرف لبنان والفواتير غير المسدّدة بعد للمستوردين.
يتأخّر دفع فواتير استيراد الادوية في مصرف لبنان حوالى 3 أشهر، في حين تكون الشحنات قد وصلت الى لبنان ووُزعت في الاسواق وتمّ بيعها على سعر الصرف المدعوم على 1500 ليرة، رغم انّ المستورد لم يقبض بعد قيمة تلك الشحنات من مصرف لبنان.
ورغم انّ آلية الدعم هذه، والتأخير في الاستحصال على قيمة فواتير الادوية المستوردة المدعومة، مستمرّان منذ بدء قرار الدعم، عبر تقديم الملفات والفواتير، أي منذ حوالى العام، إلّا انّه مع اقتراب موعد رفع الدعم وتراجع احتياطي مصرف لبنان من العملات الاجنبية، ومع اعلان حاكم البنك المركزي عن مِهَل جديدة واشهر قليلة يستطيع فيها مواصلة الدعم، يسود القلق لدى مستوردي السلع المدعومة، من امكانية توقف الدعم بشكل مفاجئ وقبل تسديد قيمة كافة الشحنات التي وصلت الى لبنان، والتي تمّ استيرادها وبيعها وفقاً لسعر الصرف المدعوم، مما قد يعرّضهم الى خسارة تفوق الـ85 في المئة من حجم أعمالهم، وتؤدي الى افلاس عدد كبير من الشركات.
في هذا الاطار، شرح نقيب مستوردي الادوية في لبنان كريم جبارة لـ»الجمهورية»، انّ مصرف لبنان مستمرّ في قبول ملفات المستوردين، إلّا انّ الحصول على الموافقة ما زال يستغرق في الحدّ الأدنى 3 أشهر، مما يضطر المستورد الى تفريغ الشحنات وتوزيع الادوية في السوق وبيعها على السعر المدعوم، على ان يستردّ امواله او قيمة فواتيره بعد 3 أشهر من قِبل البنك المركزي.
وقال، انّ هذه الآلية متّبعة منذ عام، ولكن من دون اي ضمانات بأنّ المستورد سيستردّ امواله لاحقاً عندما تتمّ الموافقة على ملفه، مما يثير قلق المستوردين من امكانية توقف الدعم بشكل مفاجئ بلا إنذار مسبق، وقبل التكفّل او ضمان تسديد كامل فواتير الشحنات التي وصلت الى لبنان، والتي لم يتمّ البت بعد بملفاتها.
واعتبر جبارة، انّها مخاطرة كبيرة بالنسبة للمستوردين. وهم يعوّلون على حكمة مصرف لبنان في التعامل مع هذا الموضوع. وقد أطلعوا المعنيين على مخاوفهم، وأبلغوا رئاسة الحكومة ومجلس النواب ووزير الصحة، انّ أي قرار قد يتمّ التوصل اليه في شأن رفع الدعم يجب على مصرف لبنان ان يلتزم في المقابل، بتغطية وتسديد فواتير كافة الشحنات التي وصلت الى لبنان منذ 3 أشهر على الاقل، وبالتالي فإنّ الاموال المخصّصة للدعم يجب ان تكون متوفرة بعد قرار رفع الدعم أقلّه لمدة 3 أشهر، «وإلّا ستحلّ كارثة بقطاع استيراد الادوية، حيث لا يمكن للتجار تحمّل خسارة بنسبة 85 في المئة، نتيجة بيع الادوية مسبقاً على سعر الصرف المدعوم، وتسديدها للموردين على سعر السوق السوداء. مما قد يؤدي حتماً الى انهيار الشركات وتوقفها عن استيراد الادوية».
وبالنسبة الى مخزون الأدوية وأسباب انقطاع بعض الأصناف في الاسواق، أوضح جبارة، انّ بعض الادوية مقطوعة بسبب نفاد المخزون، في حين هناك شحّ في البعض الآخر نتيجة ارتفاع الطلب بشكل كبير والتوجّه نحو التخزين بسبب حالة الهلع والتخوّف من ارتفاع الاسعار بشكل جنوني في حال رفع الدعم. في المقابل، اشار الى انّ حجم استيراد الادوية ما زال على حاله مقارنة مع الاعوام السابقة، ولم يواكب المستوردون الطلب المتزايد، بل ما زالوا يستوردون حاجة السوق فقط، لأنّ وزارة الصحة أصدرت قراراً يتعلّق بعدم تسليم الاسواق كميات اكبر من حاجة السوق، وعدم تلبية حالة الهلع التخزين، منعاً لارتفاع كلفة فاتورة استيراد الادوية واستنزاف احتياطي مصرف لبنان.
واكّد انّ السياسة المتّبعة تمنع المواطن من التخزين، وتلبّي حاجة السوق فقط وفقاً للظروف الطبيعية ولعدد المرضى وحجم الطلب السابق على ادوية الامراض المزمنة وغيرها، مشدّداً في موازاة ذلك على انّ مخزون المستوردين لا يسمح أيضاً بتسليم كميات إضافية تلبية لحجم الطلب المرتفع.
وشرح جبارة، انّ انقطاع بعض أصناف الأدوية مردّه في معظم الحالات الى عدم قدرة المستوردين على تخزين كميات كبيرة، مما يؤدّي الى نفاد المخزون بشكل اسرع، والى انقطاع بعض الادوية لمدة اسبوعين او ثلاثة، الى حين وصول الشحنات المقبلة، حيث تعود تلك الاصناف من جديد الى السوق.