Site icon IMLebanon

مخدّرات وفساد تحت سماء سجن رومية!

 

يدخل متّهماً ويخرج مجرماً

مخدّرات وفساد تحت سماء سجن رومية!

تُفتح السجون في بلادِ الناس من أجل إقفال الباب على الظلم والفساد والجريمة. هناك، في رومية، يُشرّعون باب السجن على عنف ومخدّرات وفساد!

هل تتصورون ماذا يحدث أو قد يحدث في سجنٍ يفوق عدد السجناء فيه الـ 5500 رجل وفتى؟

 

في رومية، سجنٌ مركزي تحصل فيه منذ خمسين يوماً “عجائب وغرائب” وتُرسم ألف علامة استفهام واستفهام في ظلِّ شبه لامبالاة من القيمين على أمرِ السجون والسجناء في لبنان!

 

جمعياتٌ إنسانية وروحية كثيرة “رفعت العشرة” وهي تُدوّن على قصاصات ورقية عدد الإنتهاكات التي تحصل في سجن رومية المركزي، المتكئ على ساحل بحر أبيض متلوث. فلنذهب مباشرة الى هناك، الى كواليس سجن رومية، الذي تحوّل مبنى “أ” فيه، الذي يتقاسمه المحكومون والأحداث، وهو من طبقاتٍ ثلاث، الى بؤرة عائمة بمختلف أنواع المخدرات، ما جعل كثيراً من الجمعيات الإنسانية والدينية تمتنع عن الصعود الى السجن خشية من ارتكابات قد ينفذها المساجين الذين قد يخرجون في أي لحظة، بسبب تعاطيهم، عن طورهم.

 

خطوط الجريمة مفتوحة

وفي المعلومات، أن سجن رومية الذي يتشكل من أربعة مبان: أ، ب، س، و د، مفتوح تحت عين الشمس على انتهاكات كثيرة حيث تدخل المخدرات بلا حسيب ولا رقيب، بكميات هائلة، الى المساجين في مبنى “أ” بتسهيلٍ يُقال من قوى أمنية. وهذا ليس كُلّ شيء فالهواتف يتم إدخالها أيضاً ويُصار الى بيعها في الداخل بأسعارٍ خيالية تصل الى 7 آلاف دولار أميركي. ويحوزها تجار يبيعون ويشترون المخدرات من عصابات خارج السجن.

 

وينقل عن جمعيات تهتم في السجون عن عنفٍ يدور في أرجاء غرف مبنى “أ” وعن أولادٍ يُضربون. وهناك صغار فقدوا حاسة السمع بسبب الضرب الذي تعرضوا له على “طبلات آذانهم”. وقد فُتحت تحقيقات شبه شكلية في الموضوع تعتقد الجمعيات التي تُعنى في شؤون المساجين أن الهدف منها ليس إلا ليختبئ وراءها من يقوم بها في حال فُتح تحقيق أوسع وخرج الى العلن.

 

لا تنتهي المعلومات عند هذا الحدّ، حيث يُحكى عن ضابط من آل سركيس عمد الى ضرب عدد من الأحداث في سجن رومية. وحين سُئل عن أفعاله أجاب أنه “يُسحسح” لهم وليس أكثر! كما لوحظ أن غرف الطبقة الثالثة من مبنى الأحداث المخصصة قانونياً للأحداث يدخل إليها المحكومون حين يشاؤون ويقومون بأعمال منافية أحياناً للحشمة، ويخشى الصغار الإعتراف بما اقترفه الكبار، ما يُبدد أي أفق في معاقبة المقترفين. نذكر هنا أن عدد الأحداث الموقوفين في مبنى الأحداث يلامس الـ 150 حدثاً وهناك أكثر من ألف محكوم بالغ.

تواطؤ

ويُحكى في سجن رومية عن توقيف عناصر أمنية، من وقت الى آخر، في السجن بتهمة التواطؤ مع المساجين، في محاولة ( كما سبق وقلنا) لامتصاص أي سؤال لاحق في الموضوع. وقد أوقف منذ نحو أربعة أشهر عنصران في الدرك، أحدهما كان يقف عند المدخل الخارجي، عند “السكانر”، والثاني كان في مبنى الأحداث. وجرى استجوابهما في فرع المعلومات وهما الآن في سجن الأحداث، وشهد كثيرون بكاءهما الشديد تعبيراً عن العذاب الذي تعرضوا له خلال التحقيق. يُشار هنا الى أن النيابة العامة ادعت على الدركيين وهما محتجزان في غرفة العسكريين في المبنى نفسه مع المساجين الآخرين وهذا، في المنطق العقابي، لا يجوز. سؤالٌ يُطرح، لماذا كُلّ هذه الفوضى في سجن رومية المركزي؟

 

تجيب المصادر أن هذه الفوضى هي نتيجة الوعود التي تلقاها السجناء، خلال الإنتخابات النيابية، بالعفو، ومراقبة هؤلاء، ولا سيما المحكومين في مبنى “أ” والإمتيازات التي يتمتع بها الموقوفون من فتح الإسلام في مبنى “ب”، وخروجهم أحياناً بسيارات خاصة لضروراتٍ يُقال أنها أمنية، ما يُعزز حنقهم على هؤلاء وعلى السجن وآمري السجن والدولة، لهذا يُعدّ السماح “بتمرير” المخدرات والهواتف والكحول الى المحكومين أحد أشكال استرضاء هؤلاء لا سيما السجناء من الطائفة الشيعية الموجودين في مبنى “س”، وهذا المبنى، في منطق الحصص الطائفية، محسوب على الشيعة!

 

من يسهل دخوله الى حرم سجن رومية ومن لا يُسمح له إلا بعد تفتيش دقيق؟

 

تجزمُ الجمعيات الإنسانية والدينية المولجة متابعة حاجات المساجين في رومية بأن لا أحد قادراً (مبدئياً) على الدخول، حتى من يملكون الإذن بذلك بسياراتهم، إلا بعد تفتيش دقيق. ووحدهم الضباط لا يخضعون لتفتيش قاس. وتلفت المصادر الى توقيف أشخاص عمدوا الى إدخال المخدرات عبر “باب البدن” وهي كميات جدّ بسيطة لا تزيد عن غرام واحد، في حين أن الكميات التي تجول وتصول في قلب السجن تكفي لـ 3000 سجين.

 

أمرٌ آخر يثير استهجان الجمعيات التي تعنى بسجناء رومية وهو إقفال مركز الإصلاحية في رومية الذي كان يستقبل من هم دون سن الخامسة عشرة و”أولاد الحماية” الذين لم يقترفوا أي جرم لكنهم يحتاجون الى ملجأ. وبات هؤلاء الصغار يوضعون في سجن الأحداث بين السجناء المحكومين. أتتخيلون؟! ومن المهم هنا أن نُذكّر أن مؤسسة الأب عفيف عسيران غادرت هي أيضا سجن رومية.

 

مباني سجن رومية باتت إمارات يدخل إليها متهم فيخرج مجرماً! وعدد المباني 4. مبنى “أ” للأحداث والمحكومين. مبنى “ب” لموقوفي فتح الإسلام وهم لا يتعاطون المخدرات أبداً لأنهم يدرجونها في “ما لا يرضي الله”. ومبنى “س” محسوب على الشيعة. ومبنى “د” مختلط.

ماذا بعد؟

الفساد يستشري حيث يفترض أن يكون الملاذ الى تطبيق العقاب من أجل استتباب العدالة وتقويم الإعوجاجات. الفساد يستشري في سجن رومية ومن لا يعلم فليعلم!