Site icon IMLebanon

دعارة لترويج المخدّرات والسلب… والأجهزة عاجزة

 

 

لم تكن مهنة الدعارة في البقاع غائبة كلّياً وفجأة انتشرت، انّما كانت سرّية للغاية، وتحوّلت علنية بشكل متزايد وفاضح، وعلى عين الدولة وأجهزتها. فبدلاً من وضع حدود لها أثناء التعبئة العامة للحدّ من انتشار فيروس “كورونا”، فإذ بالقوّادين يستغلّون حاجات الناس في ظل الأزمة الاقتصادية لتوسيع نطاق نشاطهم، فيتحوّل منع التجوّل وتراجع الأجهزة الأمنية عن مكافحة هذه الظاهرة خلال الإقفال، غذاء كامل الدسم لسير عمل هذه الشبكات، والإنتقال من تقاضي الأجر من الدولار الى الليرة اللبنانية. فمن كانت تتقاضى مئة دولار سابقاً تتقاضى حالياً مئتي الف ليرة لبنانية، تسهيلاً لاصطياد الشباب لترويج الممنوعات، من مخدرات وحبوب الكابتاغون، اضافة الى ترويج العملات المزورة من قبل القوّادين الذين يعتمدون على فتيات يصطدنَ الزبائن على الطرقات او عبر المواعدة عبر الهاتف او عن طريق “الأوتوستوب”، ويكون التركيز على الفئة العمرية الشابة. وبات وقوف أي فتاة على جانبي الطريق محطّ اضواء وشبهة ونقد، ما يسيء الى العشرات منهنّ، خصوصاً اللواتي يعتمدن على وسيلة النقل العمومي للتنقّل بين منطقة واخرى، ما دفع بمواطنين الى اطلاق أسماء بألفاظ جريئة على الطرقات، بعدما بلغت جرأة “بنات الليل” حدّ الوقوف عند جوانب الطرقات الرئيسية بين شتورا ـ تعنايل، وصولاً الى المصنع، وطريق تعلبايا ـ زحلة، وزحلة ـ رياق، لانتظار زبائنهنّ، عدا عن الشقق في أحياء ومناطق أصبحت معروفة للقاصي والداني بهذه الظاهرة.

 

يُصرّ محمد حازم، القاطن في منطقة تعنايل، على ترك الشقة التي يستأجرها منذ عشر سنوات، بعدما استأجر في البناية نفسها أشخاص يديرون شبكة دعارة، ويقول: “المشكلة أنّ صاحب المبنى مهاجر، والوكيل لا همّ عنده طالما يدفعون الايجار كاملاً”، ويردف بتأفّف: “أخجل من أن أعطي عنوان منزلي لأحد”، بعدما تحوّل اسم المبنى إلى “بناية فلانة” التي تشغل إحدى الشقق فيها، وتحوّلت محجّة لمتعاطي مخدّرات تسبّبوا لجميع السكّان بمشاكل، ما أثبت أنّ نفوذهم لدى قيادات أجهزة أمنية هو أقوى من جميع شكاوى السكّان واحتجاجاتهم.

 

كذلك هي حال “أبو فايز” فقد ضاق ذرعاً من التفتيش عن حلّ “يُريحه” من أحد قاطني البناية المستأجرة في منطقة تعنايل الطريق الدولية، وهو قوّاد لبناني يدير شبكتين، واحدة للدعارة السرّية وأخرى لترويج المخدّرات، ويتم تهديد كلّ من يعترض على حالة الفوضى التي ترافق الترويج جرّاء ارتياد العشرات من الشبان يومياً البناية في اوقات مختلفة، حتى في ساعات الفجر، ما تسبّب بمشاكل كبيرة مع سكّانها.

 

المشكلة لا تقتصر على شقة وحيّ فحسب، انّما على ظاهرة بما فيها من حساسية في المجتمع البقاعي، لتتوسّع دائرة شكاوى المواطنين، خصوصاً المقيمين عند الطريق الدولية شتورا ـ برّ الياس وصولاً الى المصنع، وكذلك هي الحال على طريق جلالا الفوقا ـ تعلبايا، سعدنايل وكساره وصولاً الى الكرك ورياق. بعض هذه الطرقات تحوّلت كمائن لإصطياد الزبائن، وكثيراً ما نتج عنها سلب الزبون بعد تخديره.

 

فعلى طريق الكرك ـ الفرزل ـ رياق، يشكو الأهالي ايضاً من تلكّؤ القوى الأمنية في توقيف أحد مشغّلي شبكة الدعارة، حيث يردّدون اسم قواد يقولون أنه يدير شبكة تضم أكثر من 8 بنات، غالبيتهن من سوريا، وبعضهن قاصرات.

 

ويقول أحد الزبائن أنه “دخل وبرفقته فتى لا يزيد عمره عن 16عاماً إحدى هذه الشقق في تعلبايا، فطلبوا ثمن الليلة مضاعفة عن سعرها في احد فنادق المنطقة، وذلك بحجّة أن سنّ الفتى القانونية لا تخوّله دخول الفندق”.

 

وفي الاطار نفسه، ترفض “سوسو” (سورية) الكشف عن باقي هويتها خوفاً من أن يضربها القوّاد، فهي بحسب لهجتها من الساحل السوري، وتشرح أنّ “القوّاد يطلب منهنّ التركيز على الشباب وطلّاب المدارس والجامعات، ومواعدتهم مقابل أجور تشجيعية”، وتقول إنّ مهمّتها هي ترويج رقم هاتف زوّدها به القوّاد لمواعدة الشباب، كما يطلب منها ومن باقي الشبكة أن يسلّموا بعض الشباب حبوب كابتاغون وكوكايين، “كما أنّه يسلّمنا أموالاً من فئة المئة ألف ليرة، ودولارات من فئة الـ 20 دولاراً لنشتري سلعاً من المحال فيتم بذلك تصريف المزوّر”. لتضيف: “إنّ القواد يفرض سلطته على الفتيات بعدما يعمد الى تصويرهنّ في أوضاع فاضحة، كذلك يتمّ إخفاء أوراقهنّ الثبوتية. في المقابل يدفع لهن أجورهنّ “من الجمل أذنه” ويؤمّن لهنّ الغطاء لدى القوى الأمنية”. ولا تخفي أنّ بعض القوّادين يستغلّون الفتيات لنصب كمائن لسلب أشخاص ميسورين.

 

مصدر أمني

 

ويؤكّد مصدر أمني لـ”نداء الوطن” أنّ ظاهرة ادارة شقق دعارة في البقاع قد تفاقمت في الآونة الاخيرة، حتى وصلت أجورهنّ الى 50 ألف ليرة، ومنهن من يتقاضينَ 35 ألف ليرة، وهذا ما سجّل زيادة في عمليات ترويج المخدّرات والدولارات المزورة وسلب سيارات، وتؤكد المعلومات وتتبّع هذه الجرائم أنّ شباكها تبدأ بمصائد تنصبها “بنات الهوى”، وتزايد هذه الظاهرة في البقاع أدّى الى ارتفاع نسبة جرائم السرقة والسلب وترويج المخدرات وتعاطيها، ما سبّب مشاكل اجتماعية وامنية كبيرة، وارتفاع نسبة الامراض الجنسية”.

 

وعن تلكّؤ القوى الأمنية في معالجة هذه الظاهرة، يقول المصدر: “إنّ المشكلة في معالجة ملفّ الدعارة تحتاج الى متابعة ولا مكاتب آداب في المناطق، فكلّ ما يتعلق بالدعارة من اختصاص مركز حبيش، والى حين حضور أي دورية من بيروت الى البقاع يكونون قد أخلوا الشقة، وبالتالي ينتفي الجرم المشهود”. ويوضح المصدر أن “تحرّك الاجهزة في البقاع يكون بسبب تداخل قضية الآداب مع قضية سرقة أو ترويج مخدّرات أو أي مشكلة أخرى، وبالتالي تحتاج الى تنسيق كامل مع شرطة الآداب”، وأكّد أنّ “لديهم عشرات الشكاوى من الاهالي بخصوص هذه الشبكات، لكنّ نفوذ العاملين فيها سريع فيتمّ التدخّل للملمة الملفّ”.

 

ويشير المصدر الى عمليات السلب التي نشطت في الآونة الاخيرة “حيث توكّد المعلومات أنّ أبطالها هنّ فتيات يعملن في مجال الدعارة”.