IMLebanon

قرع الطبول أفعل من قرع الأجراس؟

قرعت الاجراس في فرنسا «امّ المسيحيين الحنون» وفي عدد من الدول الاوروبية، أو ما تبقى من هذه الاجراس، بعدما تحوّل المئات منها الى هوية اخرى مختلفة، تحت سمع السلطات وبصرها وتطنيشها، وربما مباركتها، والهدف من قرع الأجراس في اوروبا، «التضامن» مع مسيحييّ الشرق و«استنكار» ما يتعرضون له من قتل وابادة واغتصاب وتهجير وبيع في «سوق العبيد» على يد التنظيمات الارهابية التكفيرية، وخصوصاً تنظيم «داعش» الذي يهدم الكنائس، ويستولي على ممتلكاتها وممتلكات المسيحيين، وفي الحقيقة والواقع، ذهلت لهذه البادرة «الانقاذية» تصدر عن فرنسا ودول اوروبية اخرى مسجلة في خانة الدول المسيحية، بعد مرور سنوات على اضطهاد المسيحيين في مصر وليبيا والعراق وسوريا وفلسطين، اما على ايدي الانظمة واما على يد الارهاب التكفيري، والذي حصد حتى الآن ملايين المهجّرين الذين طردوا من بيوتهم واوطانهم، وعشرات الالوف الذين تعرّضوا للتعذيب، والقتل ارحمه، دون ان تتحرّك هذه الدول العظيمة، وتسارع في البرّ والبحر والجو، الى نجدة المسيحيين، بالمال والرجال والسلاح، على اقلّه استناداً الى مبادىء «الحرية وحقوق الانسان» التي تتشدّق بها هذه الدول، ولا تفعل سوى فتح باب الهجرة امام جماعات محددة من المشردين القادرين على خدمة هذه الدول في اعمال لا يقوم بها مواطنوها.

* * * *

تروي لي المرحومة جدتي نقلاً عن عمّها والد جدّي ان «الحركات»، التي حدثت عام 1840 و1860 و1864 ـ تنذكر ولا تنعاد ـ كانت توّلد عصابات للسرقات والقتل تحت ستار حماية المسيحيين او الدروز او الشيعة، فكان هناك لا مركزية عصابات تنتقل من مكان الى آخر للترهيب والاعتداء والتشليح، وصودف ان عصابة دخلت محيط بلدتنا مليخ في منطقة جبل الريحان، وأسرت احد الرعاة المسيحيين، وأسرت معه عدداً كبيراً من رؤوس الماعز، وفيما هي تقتاد الراعي وقطيعه سمع صوت اطلاق مدافع من ناحية البحر، فتقدم احد عناصر العصابة من الراعي وفكّ قيده وقال له «روح انت وعنزاتك»، «إجتك النجدة من البحر».

المغزى من هذه القصة الحقيقية، ان مساعدة المظلوم والمعتدى عليه، والمهدد بحياته ورزقه وعرضه، لا تكون بقرع الاجراس والصلاة والصوم فحسب، فهذه الطقوس مفيدة روحياً ونفسياً، ولكن صوت الطائرات والدبابات والمدافع والصواريخ، افعل من صوت الاجراس، واذا كانت فرنسا والدول الاوروبية والاميركية، مهتمة حقاً ومعنية بحماية المسيحيين أو اي اقلية تتعرض للظلم والابادة مثل الايزيديين، فمن المستحسن ان تقرن الصلاة وقرع الاجراس بالقوة التي تذيق التكفيريين طعم قتل البشر وذبحهم وبيعهم بالمزاد العلني كالحيوانات، وهي قادرة على هذا العمل، ولا تقدم عليه لاسباب لا علاقة لها بالانسان وحقوقه، بل بالمصالح المادية فحسب.

البابا فرنسيس اتهم فرنسا، ابنة الكنيسة «بالخائنة» فهل تنتفض لكرامتها وتزيل عنها هذه التهمة عملياً وليس بقرع الاجراس؟!