نعرف أنّ للموحّدين الدروز في سوريا قياداتهم سواء منها التاريخية أم الحديثة. ونعرف أنه كان لهم دور إستثنائي في النضال الوطني والقومي منذ الإمبراطورية العثمانية حتى اليوم مروراً بالإنتداب الفرنسي. وقد لمعت في تلك القيادات شخصيات ذات هامات عالية، نكتفي بذكر سلطان باشا الأطرش… ويمكن تعداد آخرين كثيرين.
سقنا هذه المقدمة السريعة لنسأل: لماذا تتولى القيادات الدرزية في لبنان النطق بإسم دروز سوريا؟
نحن نعرف الروابط والصلات وقربى الأرحام بين الجانبين… ولكننا لا نظن أنّ القيادات اللبنانية هي المخوّلة لأن تكون ناطقة بإسم دروز سوريا، أقله لأن هذه القيادات الدرزية على إختلاف في الرؤية حول ما هو الواقع الحالي وما يجب أن يكون.
بمعنى أنّ هذا التضارب في حقيقة الموقف لدى القيادات الدرزية اللبنانية سينعكس سلباً على دروز سوريا فيزيد من قلقهم بدلاً من المطلوب الذي هو طمأنتهم في وقت يجدون أنفسهم في بلبلة كبيرة، ناهيك بالخطر الحقيقي المحدق بهم من قبل التكفيريين، أسوة بسائر الأطياف، وبالذات الأطياف المسيحية.
وليست أي مبالغة في قولنا إن القيادات الدرزية اللبنانية التي تشعر كلها بالخطر المحدق بالدروز في السويداء تغتنم المناسبة لتسجيل مكاسب سياسية. وفي تقديرنا أن هذا أكثر ما يسيء الى الدروز وإلى « قضيتهم» في هذه المرحلة الحسّاسة جداً من تاريخهم وتاريخ المنطقة عموماً.
نحن نعرف أن القادة الدروز منقسمون بين من يوالي النظام السوري موالاة حتى الذوبان، ومن يعارضها المعارضة الشرسة. وطبيعي أن الإتجاهين يتركان تداعيات وتأثيراً إنْ لدى النظام السوري أو لدى المعارضة في البلد الشقيق. وهذه التداعيات ستؤخذ في الحسبان عندما يستتب الأمر في سوريا. ولكن إنتهاء الأحداث هناك ليس له أفق.. وحتى لو أُسقط النظام فإنّ سوريا تبقى مرشحة الى صراعات طويلة قد لا تقل عن عقد من السنين… وأمّا المكاسب الداخلية التي يسعى إليها المتنافسون فالتعليق الأكثر دقة على الساعين اليها هو القول أن لا إنتخابات نيابية في لبنان في المستقبل المنظور.
وبالتالي فإنّ المطلوب في هذه المرحلة هو لم الصف الدرزي اللبناني وتحكيم المنطق، والبعد عن المهاترات وعن استغلال دماء شهداء « قلب لوزة» … ومعاذ اللّه أن نكون في وارد الزعم أننا ننصح أو نعظ أو … فالطائفة الدرزية الكريمة هي طائفة تحكيم العقل، وهي طائفة الحكمة، وهي طائفة الفكر والرصانة… فقط أوردنا ما تقدم من موقع الإحترام للأخوة الدروز، والتضامن معهم ضد أي إعتداء عليهم، كما على سائر الأطياف. وهذا موقف مبدئي، وكذلك لنقول لهم: حذار أي دعسة ناقصة لن تنعكس عليهم وعلى لبنان وعلى دروز سوريا إلاّ بالخطر الشديد والقلاقل… ويكفينا ما فينا.