Site icon IMLebanon

الدروز واندروبوف السوفياتي وحافظ الاسد

لا يجتمع شخصان من الطائفة الدرزية الا ويحكمهما «الحنين» الى ماضي درزي مجيد، وحكم لبنان وعهد فخر الدين ومجد تلك الايام، ويمتد الحديث ايضاً الى عصر الانتكاسات منذ الحرب القيسية – اليمنية ومقتل اكثر من 30 الف درزي في «صراع الاخوة» وهجرة نصف الدروز الى سوريا وتحديداً الى جبل العرب الذي اصبح فيما بعد «جبل الدروز» وصولا الى هزيمة سعيد جنبلاط في القرن التاسع عشر ونفيه الى خارج لبنان، اضافة الى هزيمة بشير جنبلاط على يد بشير الشهابي وما سمي «بحرب البشيرين» وبالتالي خسر الدروز مع خسارة سعيد وبشير جنبلاط، ليس بسبب ضعفهم بل بسبب التحالفات الدولية في تلك الفترة، لكن بالنتيجة خسر الدروز حتى ان الكثير من العائلات الدرزية «تمورنت» وتحديداً عائلات كسروانية وما زالت تملك اراضيها في الشوف وعاليه، وبات الدروز على الهامش وجاءت تسوية الاستقلال حسب مصادر درزية لتقضي على كل آمال الدروز وتجعلهم خارج لعبة «الكبار» وتتقدم الثنائية المارونية – السنية على حساب الدروز.

وتؤكد المصادر «ان الزعيم كمال جنبلاط ادرك هذه المعادلة وحاول الخروج من رحاب الطائفة الى رحاب الوطن والامة ونجح، وتحول الى رمز وطني وعالمي، ورغم هذا الحجم الكبير لم يستطع حتى مع قوة عبد الناصر من ان يعيد الى الدروز مجدهم وانتهت احداث 58 بتسوية «لا غالب ولا مغلوب» وحاول الشهيد القائد كمال جنبلاط الانقلاب مجدداً على هذه الصيغة عبر الحسم العسكري عام 1976 فتمت مواجهته سورياً وعربياً ودولياً، وادت الى استشهاد، ودفع الدروز الثمن مجدداً.

وحسب المصادر الدرزية «فان تاريخ هزائم الدروز منذ قرنين وخروجهم من المعادلة الداخلية والعربية والاقليمية بسبب التحالفات الدولية والاقليمية، صححه وليد جنبلاط عام 1982 بالخيار السياسي وبالانحياز المطلق الى القوى الوطنية اللبنانية وحافظ الاسد واندربوف السوفياتي، وادى الدعم السوري والسوفياتي اللامحدود الى انتصار الدروز الوحيد بعد قرنين من الهزائم، وعاد الدروز الى قلب المعادلة، واللاعب الاكبر فيها، واصبح وليد جنبلاط الاول في التركيبة اللبنانية، وهذا لا ينفي ما قدمه الدروز في هذه الحرب من شهداء وما قدموه ايضاً لسوريا وللقوى الوطنية من فتح لطريق بيروت – دمشق ووصول الاسلحة الى الجنوب وانطلاق المقاومة لتحرير لبنان.

وحسب المصادر، فان التضحيات في التاريخ كانت تذهب في الكثير من المفاصل هباء اذا لم تقترن بقراءة سياسية جيدة، وهذا ما مارسه وليد جنبلاط عام 82، مستنداً الى تحالفات دولية كبيرة، ولذلك كان واضحاً ان جنبلاط في خطاب النصر الذي القاه في بيت الدين بعد حرب الجبل عبر عن الظلم التاريخي بالقول: «لقد عدنا يا بشير» قاصداً جده بشير جنبلاط، وصححنا الظلم التاريخي الذي لحق بنا منذ 140 سنة على يد الغرب وبشير الشهابي، ودعا «جده الى ان يرقد في قبره الان مطمئنا الى النصر الذي تحقق».

وحسب المصادر «انتصر الدروز مع اندربوف وحافظ الاسد ووليد جنبلاط وجاء الطائف «ليشلحهم» هذا النصر بغطاء سعودي ودولي، لكن تدخل الرئيس حافظ الاسد منع ذلك، وحافظ الدروز على الامتيازات، واعطى جنبلاط ما يريد في التقسيمات الانتخابية وما زال الدروز يستثمرون على هذا النصر التاريخي.

واشارت المصادر الدرزية الى ان العرض التاريخي لهذه الاحداث يجب ان يكون عبرة للدروز للاستفادة من الماضي بالتعامل مع الحاضر وللتذكير بأن الروس، وقفوا مع الدروز في كل المحطات وتحديداً مع آل جنبلاط منذ عام 1952 وحتى اليوم. وقاموا بتقديم الاف المنح الدراسية للشباب الدرزي في الجبل، ولا يوجد قرية درزية الا وتشهد 4 و5 مصاهرات مع عائلات روسية، كما فتح الروس مخازن اسلحتهم الى وليد جنبلاط وكانوا يتعاملون معه كرئىس دولة كبرى.

وتتابع المصادر بالتأكيد ان الدعم الروسي للدروز، لم يقتصر على دروز لبنان فقط بل امتد لدعم دروز سوريا في ظل عشرات «المنح» الروسية للشباب الدرزي في جبل العرب، حتى ان التكفيريين عندما هددوا جبل العرب ووصلوا الى مطار الثعلة القريب من السويداء، صدر القرار الروسي وابلغ الى الملك عبدالله الثاني الاردني، ممنوع سقوط السويداء وجبل العرب خط احمر مع جنوب سوريا، ومنذ ذلك الفترة توقفت الاحداث في السويداء، وهذا القرار ابلغته السفارة الروسية في دمشق الى وفد درزي من السويداء بان جبل العرب خط أحمر، وبالتالي حمت روسيا ا لدروز مرة جديدة بعد دعمهم لتحقيق النصر في لبنان.

وحسب المصادر الدرزية، فان هذا الكلام يأتي للتذكير بالدور الروسي بعد الانتقادات الجنبلاطية لروسيا في الفترة الاخيرة والتي لاقت الاستياء الكامل من المسؤولين الروس وترجم هذا الاستياء بان حل «زاسبكين، ضيفاً على الجاهلية مع السفير الايراني وقنصل الجمهورية العربية المصرية وهذه رسالة سياسية واضحة تلقفها جنبلاط جيداً بأن «القيصر الوهابي» موجودفي المعادلة الروسية السورية الايرانية ومن خلاله قسم من الدروز اذا اراد جنبلاط اخذ «الخيار» المعارض لتوجهاتهم الشرق اوسطية.

ويبقى التأكيد بأن صحة القراءة السياسية عام 82 حققت كل هذا النصر، وبالتالي فان القراءة السياسية المغايرة من الممكن ان تمحو كل هذه الانجازات لكن المعادلة مختلفة في هذه المرحلة بعد ان كانت الزعامة مطوبة عام 82 لوليد جنبلاط، اما في هذه المرحلة فباستطاعة الروس الاتكال على حلفاء يملكون اوراقاً في المعادلة الدرزية، لكن فاعليات دينية تعتبر ان موقف القيادات الدرزية ان كان مع روسيا او ضدها، فانه في النهاية لحماية الدروز. ولا مشكلة بأن يكون قسماً من الدروز هنا وقسم هناك، لان كل هذا يصب في حماية الدروز في ظل الضبابية التي تحكم صراع المنطقة وعدم وضوح موازين القوى وكيف سترسو المعادلات؟ لكن للروس «افاضل» كبيرة على الدروز لا يجب ان «تمحى» وان نخسر هذا الحليف الاستراتيجي الكبير في ظل المعادلات الكبيرة حالياً.