IMLebanon

جنبلاط يحمل «الهواجس الدرزيّة» إلى لقاء الشرع: لعلاقات لبنانيّة – سوريّة نديّة

 

زار النائب السابق وليد جنبلاط القصر الرئاسي في سوريا، أمس، على رأس وفدٍ من شخصيات سياسيّة ودينيّة، للمرة الأولى بعد 13 عاماً من القطيعة. وسجّل في تاريخه أنّه أول سياسي لبناني «حفّظ» رقم الشرع على هاتفه، وأول زائر لبناني لسوريا ما بعد بشّار الأسد، وأول من تمكّن من إظهار الوجه الآخر لـ«أبو محمّد الجولاني» الذي ارتدى للمرّة الأولى بزة رسميّة مع ربطة عنق.

وإذا كانت للزيارة أولويّتها لجهة هواجس الأقليّة الدرزيّة في سوريا، فإنّ «البيك» لم يزر أياً من المناطق الدّرزية، كما لم يرافقه إلى «قصر المهاجرين» أيّ من مشايخ «جبل الدروز». واقتصر الأمر على زيارةٍ قام بها وفد من المشايخ، بتكليفٍ من شيخ العقل سامي أبي المنى، إلى محافظة السويداء. وهو لدى سؤاله عن دروز سوريا، أجاب أنّ زيارته هي لـ«الدّولة السوريّة». فيما أكد عدد من أعضاء الوفد، الذين رافقوه، أنّ «جنبلاط لا يقدّم نفسه كقائد لدروز سوريا، وأن هؤلاء جزء من المكوّنات السوريّة، وعلاقتهم بالحكم شأن داخلي»، ووصفوا ما قاله الشرع عن حرصه على جميع المكوّنات السورية والشراكة معها بأنه «مبشّر وإيجابي».

 

«لقاء يُبنى عليه»

وفيما قدّم زعيم «المختارة» صيغة مذكّرة إلى الشرع طالبت بالنديّة في العلاقات بين البلدين وأهميّة ترسيم الحدود بينهما والكشف عن مصير المعتقلين والمخطوفين اللبنانيين في السجون السوريّة، يؤكد عدد من الاشتراكيين «أنّنا لا نقدّم أنفسنا مكان الدّولة، فهي التي ستعمد إلى تأسيس العلاقة مع الدّولة السورية ومتابعتها». ويرفض هؤلاء اعتبار أن في زيارة جنبلاط تسرّعاً في ظل عدم اتضاح صيغة الحكم النهائيّة في دمشق بعد، معتبرين أن «جنبلاط كان أوّل المبادرين إلى زيارة سوريا لكوْنه احتضن هذه الثورة وكانت له مواقف متقدّمة منها. وبالتالي كان لا بد من التهنئة بانتصارها والإطاحة بنظام الأسد». وأكدوا أنّ «اللقاء كان جيّداً ويبنى عليه، وخصوصاً أنّ مواقف الشرع كانت في منتهى الدقّة والذكاء، وأعطى مقاربة واقعيّة في شأن الوضع السوري والعلاقات بين الدّولتين، وبدا ذكياً وإيجابياً ومنفتحاً حتّى في التعبير عن شكل العلاقة المستقبليّة مع حزب الله، حينما أشار إلى أنّها صفحة وطويت، وسوريا على مسافةٍ واحدة من كل القوى اللبنانيّة».

 

الشرع: طوينا صفحة الماضي وعلى مسافة واحدة من الجميع في لبنان

 

 

وكان جنبلاط قد قال خلال لقائه الشرع: «من جبل لبنان، من جبل كمال جنبلاط، نحيّي هذا الشعب الذي تخلّص من الاستبداد والقهر، التحية لكم ولكل من ساهم في هذا النصر، ونتمنى أن تعود العلاقات اللبنانية – السورية من خلال السفارات، وأن يحاسب كل الذين أجرموا بحق اللبنانيين، وأن تقام محاكم عادلة لكل من أجرم بحق الشعب السوري، وأن تبقى بعض المعتقلات متاحف للتاريخ». وأضاف: «نحيّيكم في معركتكم للتخلص من القهر والاستبداد. الطريق طويل، ونعاني نحن وإياكم من التوسع الإسرائيلي».

في المقابل، تعهّد الشرع بأنّ «بلاده لن تتدخّل بطريقة سلبية في لبنان كما كان يفعل النظام السابق، وإنّما ستحترم سيادته واستقلاله ووحدة أراضيه واستقراره الأمني، وهي تقف على مسافة واحدة من الجميع، ولن ننصر طرفاً على حساب طرف آخر، رغم الجراح الماضية، بل سنكون سنداً للبنان ولمكوّنات الشعب اللبناني كافةً وسنبني علاقات استراتيجية». وقال: «بالنسبة إلى الشيعة، سواء المعارضون للنظام السابق أو المؤيدون له، فإنهم جزء من البيئة اللبنانيّة، ونحن اليوم نتكلّم بمنطق الدولة بمعزل عن التصنيفات السياسية السابقة التي أثّرت بشكل سلبي على بنية لبنان وسوريا والدّول المجاورة لهما». وأضاف: «نسعى بالنصح والحب والودّ أن يخرج لبنان من التقاسم الطائفي إلى حالة توزيع الأدوار على الكفاءات». وقال: «مع اعتزازنا بثقافتنا وبديننا وإسلامنا… لا يعني وجود الإسلام إلغاء الطوائف الأخرى، بل على العكس علينا واجب حمايتهم. اليوم، نحن نقوم بواجب الدولة في حماية كل مكونات المجتمع السوري». ولفت إلى أن «الإدارة الجديدة أرسلت وفوداً حكومية إلى مدينة السويداء. وأهلنا في السويداء كانوا سبّاقين في مشاركة أهلهم في الثورة، وساعدونا في تحرير منطقتهم في الآونة الأخيرة».

بدوره، قال الشيخ أبي المنى إن «شعب سوريا يستحق هذا السلم، ويستحق الازدهار، لأن سوريا قلب العروبة النابض». وأشار إلى أن «الموحّدين الدروز لهم تاريخ وحاضر يُستفاد منه، فهم مخلصون للوطن، وشعارهم شعار سلطان باشا الأطرش وشعار الكرامة، وكرامتهم من كرامة الوطن، لذلك نحن واثقون أنكم تحترمون تضحياتهم وهم مرتبطون بوطنهم».

وعمّا إذا كان قد طرح، خلال لقائه الشرع، أمر ترسيم الحدود البريّة مع لبنان والاتفاق حول هويّة مزارع شبعا، قال جنبلاط بعد اللقاء «إن مزارع شبعا تتبع للقرار الدولي 242 إذا تم الاتفاق على الترسيم بين الدولتين، ولكن مزارع شبعا سوريّة». وأثار هذا التصريح ردود فعل من أهالي شبعا والعرقوب، وأصدرت «هيئة أبناء العرقوب ومزارع شبعا» بياناً انتقدت فيه موقف جنبلاط، علماً أنّه سبق لجنبلاط أن كرّر هذا الموقف في مقابلاته التلفزيونية، وآخرها في عام 2019 حينما اتّهم «ضباطاً في الجيش اللبناني بتغيير الخرائظ الجغرافية بالاتفاق مع ضباط سوريين، بعد الانسحاب الإسرائيلي عام 2000».

 

جنبلاط لدروز سوريا: وحدة سوريا وعمقها العربي

 

قالت مصادر متابعة لزيارة وفد مشايخ درزيّة لبنانيّة، بتكليفٍ من شيخ العقل لطائفة الموحّدين الدروز، الشيخ سامي أبي المنى، إلى محافظة السويداء، حيث التقوا مشايخ الدروز السوريين، إنّ «هؤلاء أيّدوا خلال اللقاء معهم خطوة النائب السابق وليد جنبلاط بزيارة سوريا، واعتبروا أنّها تصبّ في إطار حمايتهم وإبعاد شبح الفتنة عن جبل الدّروز، كما أنهم سيكونون إلى جانب الحكم السوري الجديد بقيادة أحمد الشرع». في المقابل، أرسل جنبلاط إلى مشايخ السويداء رسالة مفادها «ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا وعمقها العربي أمام مطامع الاحتلال الإسرائيلي».