ترك اللقاء الدرزي الجامع الذي انعقد يوم أول من أمس في فردان ، اهتماماً لافتاً في سياق التصعيد القائم بين القوى السياسية الدرزية، لا سيما بعد ما جرى في الجاهلية من تصعيد سياسي بلغ الذروة، وصولاً إلى دلالات لقاء فردان، والذي كان لافتاً فيه أيضاً مشاركة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب تيمور جنبلاط، وإلى سائر الوزراء والنواب الدروز الحاليين والسابقين، باستثناء النائب طلال إرسلان، الذي، وفق أوساطه، يعتبر هذا اللقاء مهرجاناً للحزب التقدمي الإشتراكي. ومن هنا، اشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي بحملات متبادلة بين الإشتراكي والحزب «الديموقراطي»، لا سيما وأن مسؤول الداخلية في الحزب «الديمقراطي» لواء جابر، والذي لا يصرّح كما هو متعارف عليه، قد شنّ هجوماً عنيفاً على جنبلاط والحزب الإشتراكي، في وقت تشير مصادر الإشتراكي، إلى أن زعيم المختارة لا يرغب في الدخول في سجالات مع أي طرف درزي، وهو الذي عمّم ذلك على محازبيه، متمنياً عدم الإنزلاق لأي مواجهة مع أحد، باعتبار أن ثمة رسالة إقليمية تبلّغها رئيس الإشتراكي من خلال أوساطه، والتي جاءت عبر تصنيفه أحد الذين موّلوا الإرهاب في سوريا، في إشارة تدلّ على محاولات هادفة للإنتقام وخلق إرباكات وفتن في الجبل، لا سيما أنه سبق وقام أنصار رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير الأسبق وئام وهاب، بتظاهرة باتجاه المختارة، وهذا ما قرأه زعيمها، بأنه «رسالة وصلت إلينا».
وبالتالي، فإن ما تقدّم وفق مصادر مطّلعة، يؤشّر على أن المرحلة الراهنة في الجبل باتت تقلق الكثيرين، نظراً للتباعد والإنقسامات والخلافات والتصعيد والهواجس لدى القيادات السياسية، لا سيما تلك التي تتّسم بالإعتدال، من أن يتحوّل هذا الإحتقان إلى إشكالات قد يصعب لجمها في حال تفاقمت الأمور على إيقاع هذا التصعيد الذي لم يسبق له أن وصل إلى هذا المنحى، وخصوصاً من خلال مواقف النائب إرسلان الذي فاجأ البعض، وغطّت على لهجة الوزير الأسبق وهاب، مما يدل أن خلف ذلك رسائل بالجملة من دارة خلدة إلى المختارة، ولا سيما بعد مقتل العنصر الإشتراكي علاء أبو فرج، وما ترك ذلك من تداعيات وسجالات واتهام إرسلان بتهريب قاتله إلى سوريا.
وتحدّثت المصادرنفسها، عن تراكمات كثيرة من الإنتخابات النيابية وما أدّت إليه من احتقان وانقسام بين جنبلاط وإرسلان، إلى سعي رئيس الحزب «الديموقراطي» فرض أجندته حول التعيينات الإدارية والأمنية، إذ يرى أن حصة الأسد تذهب لجنبلاط، في وقت أن الخلافات القديمة والجديدة تبقى ساحتها المؤسّسات الدرزية ومشيخة العقل، وكل ما يرتبط بهذه المؤسسات بصلة من المجلس المذهبي والأوقاف.
وعلى خط موازٍ، فإن أوساط جنبلاط تعود لتؤكد أن اجتماع فردان في دار طائفة الموحدين الدروز، لم يكن منطلقاً للردّ على ما جرى في الجاهلية، بل كان هناك بحث مستفيض ونقاش عميق لبحث شؤون وشجون هذه المؤسّسات الدرزية والعمل على تفعيلها، انطلاقاً من مبدأ دعم الشباب الدرزي والعائلات ضمن الإمكانات المتاحة، وعلى الصعيدين التعليمي والصحي، بحيث بات هناك مؤسّسات فاعلة. لذلك، فإن الإنكباب اليوم يجري من أجل الوصول إلى مؤسّسات تؤمّن حاجات الناس من خلال عائدات الأوقاف، والعمل مع كافة المؤسسات الأخرى. وبالتالي، تابعت الأوساط، فإن ذلك يعود لكل أهالي الجبل على حد سواء، وليس لفريق سياسي أو حزب معيّن، إضافة إلى أن رئيس الإشتراكي سبق له وأن قال أن مشاركة كل القوى السياسية الدرزية، حتى تلك التي نختلف معها في السياسة، أن تنضوي في هذه المؤسسات وتشارك فيها، وهناك سنتين لانتهاء مدة المجلس المذهبي والأوقاف، لذا على البعض الذي يكيل الإتهامات والإنتقادات أن يشارك في عمل المجلس المذهبي والأوقاف، والإلتفاف حول مشيخة العقل، عوض توجيه الإنتقادات والتصعيد السياسي غير المبرّر.