دخلت الطائفة الدرزية عبر سياسييها، معترك حقوقها المسلوبة من الحقائب التي اطلق عليها اسم «السيادية» وهي اربع الداخلية والدفاع والمالية والخارجية، التي احتكرت من اربع طوائف: الموارنة والارثوذكس عند المسيحيين والسنة والشيعة عند المسلمين، وحرم منها الدروز والكاثوليك والاقليات الطائفية.
وكل طائفة في لبنان كانت متضامنة حول حقوقها كما في حالة المحرومين عند الشيعة، والاحباط ثم غياب الميثاقية عند المسيحيين المهضومة حقوقهم من طوائف اخرى سواء في الانتخابات النيابية او الوظائف في الفئة الاولى كما ان السنة يشعرون بمظلومية ويغمزون من قناة «الهيمنة الشيعية» وكلها مطالب خارج الدستور، وتتعلق بما سمي «اعراف» التي تصبح اقوى من الدستور نفسه وفق التفسير الطائفي لها، اضافة الى ان هذه الحقوق تظهر من زعماء في طوائفهم عندما تكون مصالحهم مهددة، والامثلة عديدة.
وفيما يخص تهميش الدروز برفض «كبار القوم» عن اعطائهم حقيبة سيادية، كما قال النائب وليد جنبلاط، وايده النائب طلال ارسلان، فإن كلا من النائب السابق فيصل الداوود والوزير السابق وئام وهاب، حملا جنبلاط مسؤولية، ما آلت اليه حقوق الطائفة الدرزية، عندما ارتضى ان لا يطالب بحقيبة سيادية، واكتفى لسنوات بوزارة المهجرين مع وزارة خدماتية اخرى، وهذا الوضع بحسب مصادر سياسية درزية، تعود اسبابه الى النظام السياسي الذي نشأ بعد الطائف، وهو الذي كرّس مثل هذا العرف، الذي ينطبق على توزيع السلطات العليا في رئاسة الجمهورية التي اعطيت عرفا للموارنة، ورئاسة مجلس النواب للشيعة، ورئاسة الحكومة للسنة، دون ان يرد لا في دستور ما قبل الطائف ولا بعده، عن طائفية الرئاسات، وهو ما شجع على طرح إلغاء الطائفية السياسية، كما ايضا في وظائف الفئة الاولى، التي لم يحدد لا الدستور ولا القوانين طائفة الوظيفة، مثل قيادة الجيش ورئاسة الاركان، او المدير العام لقوى الامن الداخلي او المدير العام للامن العام، او امن الدولة، وفي المديريات العامة للوزارات وفي القضاء والسلك الديبلوماسي وان ما حدده الدستور عبر المادة 95 منه، هو التوزيع العادل والموقت للوظائف باعتماد المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، حيث كرست هذه المادة الطائفية السياسية، والطائفية عامة، مع دعوة لالغائها في المادة نفسها عند حصول صحوة وطنية، وجاء اتفاق الطائف ليؤكد على ضرورة الغائها، عبر تشكيل هيئة وطنية، لكن لم يحصل ذلك، وهو ما رفع من منسوب الخطاب الطائفي.
فالدروز كما الكاثوليك والاقليات، ممّن سيحصلون على حقوقهم تسأل المصادر، أليس من طوائف ومذاهب اخرى، فتوزير درزي في احدى الحقائب السيادية، ممنوع منذ ما بعد الطائف، في وقت كان الامير مجيد ارسلان وزيرا دائما للدفاع وكما جنبلاط وزيرا للداخلية، وعادل حمية للمال كما ان من الطائفة الكاثوليكية برز اسماء وزراء للخارجية خليل ابو حمد وفيليب وسليم تقلا، اضافة طبعا الى حقائب اخرى اساسية، وهو ما ينطبق على وظائف الفئة الاولى.
وللخروج من هذا الاشتباك الطائفي الذي سيتكرر مع تشكيل كل حكومة، وعند تعيين موظف في الفئة الاولى، كما في اصدار قانون للانتخاب، الذي تتحكم فيه المحاصصة السياسية الطائفية، فلقد رسم اتفاق الطائف خارطة طريق للخروج من هذا «الغبن الطائفي» الذي تدعيه كل طائفة، وهو البدء بتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية تضيف المصادر، كما في اصدار قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، وفي تطبيق الغاء طائفية الوظيفة، واعتماد الكفاءة، وكل هذه البنود وردت في اتفاق الطائف، فلماذا لا يوضع موضع التنفيذ، بحيث لا تنفع كل الترقيعات في ثوب النظام الطائفي الذي يتمزق يوميا، ويمزق معه الشعب الذي يحوله السياسيون الطائفيون الى طائفي ومذهبي، ولا يريدونه يمارس المواطنية لانها اعلى مراتب الانتماء الى الوطن، تقول المصادر، التي ترى ان شركة زعماء الطوائف، لا بدّ ان تصل الى الافلاس، اذا لم يشتر المواطنون من بضاعتها.