Site icon IMLebanon

زعماء الدروز استشعروا الخوف الداخلي فتوحّدوا… فهل يفعلها المسيحيون؟

 

لقاء خلدة طوى صفحات أليمة… فهل تتوقف الضربات المسيحية المتبادلة؟!

 

كان اول من نبّه الى الوضع المأساوي الذي وصل لبنان اليه، وتحذيراته من الانهيارات لطالما رافقت تغريداته، وكان اول من قام بتخزين مستودعات منطقة الجبل بالمواد الغذائية والسلع الاساسية، قبل اشهر من «ثورة 17 تشرين 2019»، انه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي يفهم جيداً الواقع اللبناني وما في داخله، كما لا احد مثله يعرف قراءة الواقع الإقليمي.

 

وليد جنبلاط السياسي الذي كان يلمع نجمه في كل الازمان، هو اليوم هادئ ومنعزل عن صراع أفرقاء النزاع، بات اليوم مُحبّاً للمصالحات وفتح الصفحات الجديدة والوساطات، لان التسوية غائبة عن الساحة السياسية، لذا يقوم بلعب الدور الايجابي بالتوافق الدائم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، فيطلق النصائح يميناً وشمالاً، علّها تصل الى مبتغاها، وخصوصاً الى الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي لم يستجب لغاية اليوم الى طلبه بالاعتذار، لكنه يضعه ضمن الاحتمالات.

 

اليوم نصح زعيم الاشتراكي نفسه بالانفتاح على خصومه ضمن الطائفة، من اجل مصلحة الدروز والجبل اولاً، فجاء لقاء خلدة يوم السبت، ليجمعه بالخصمين رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان، ورئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب، لبحث ترتيبات البيت الداخلي وتحصينه في هذه الظروف، إضافة الى ضبط الوضع في الجبل بالتزامن مع المخاوف والهواجس من خلل امني، قد يخلق خضة كبرى هناك، وهذا مرفوض بشدة ويجب تداركه منذ الان كي لا يقع، مع ضرورة إنهاء ذيول الحوادث التي وقعت في الجبل كالشويفات وقبرشمون – البساتين والجاهلية، وتسليم المتورطين فيها في أقرب وقت ممكن، والتشديد على منع حصول أي إنفلات، ولذا إستدرك جنبلاط كل هذا، بزيارة قام بها قبل اجتماع خلدة الى اليرزة، حيث التقى قائد الجيش العماد جوزف عون، طالباً منه تعزيز الامن في مناطق الجبل، ومن ثم وسّع اتصالاته مع ارسلان ووهاب لضبط كل المناصرين، ومنعهم من إستخدام السلاح، لان أي «خربطة» امنية قد تحصل، ستشكل خضّة للطائفة الدرزية في هذا التوقيت الدقيق.

 

الى ذلك اشارت مصادر مقرّبة من المجتمعين، الى انّ لقاء خلدة شكّل محطة هامة لخلق الاستقرار داخل الطائفة، وطيّ صفحات أليمة تركت جراحاً، مع إعلان المجتمعين رفع الغطاء عن كل من يخّل بأمن الجبل، حيث تبقى المرجعية في هذا الاطار للجيش اللبناني والاجهزة الامنية فقط، معتبرة بأنّ الاجتماع المذكور انتج تسوية للخلافات، وتفاهماً سيستمر بالتأكيد من اجل مصلحة الطائفة.

 

إنطلاقاً من هذه المبادرة الايجابية، ثمة سؤال يُطرح عن إمكانية انتقال هذه العدوى الايجابية الى الزعماء المسيحيين، المستمرين بالتناحر والانقسام والعداوة، لعّل الظروف الكارثية التي نعيشها تشفع بذلك، وتوحّدهم في الملفات المصيرية، وتوقف السجالات وتمنعها من الانتقال الى الشارع.

 

وفي هذا الاطار يأمل مصدر سياسي مسيحي، بأن يفعلها الزعماء المسيحيون، وينتشلون شارعهم من هذا الانقسام الذي عاد بقوة، بعد ان امل المسيحيون خيراً بخلق ثنائية مسيحية مارونية تشبه الثنائية الشيعية، التي تتفق على أي مهام او مركز شيعي في الدولة، وتتخذ قرارات موّحدة في اكثرية الملفات، فتلغي على الفور الأصوات المعارضة، وتقول كلمتها ونقطة على السطر. لكن وبعد اتفاقية معراب بين «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية»، يرى المصدر بأنّ كثيرين اعتقدوا بأن الوضع المسيحي سيكون مماثلاً، خصوصاً بعد ترشيح رئيس «القوات» سمير جعجع للعماد ميشال عون الى الرئاسة، فتحققت هذه الخطوة حينها من خلال مواقف استراتيجية موّحدة، وبدأت الخطط المستقبلية عن تحالفات انتخابية ستقضي على الكل، وبالتالي ستشكل «تسونامي» توصل اكبر كتلة مسيحية عونية – قواتية الى المجلس النيابي، خلال انتخابات ايار من العام 2018، لكن المشهد قلب كل المقاييس حينها، ولم يحقق ما طمح اليه المسيحيون، وهي المصالحة الحقيقية الفعلية بين الركنين المسيحيين الابرز على الساحة المسيحية، اذ لم تأت الافعال على قدر الوعود، بل زادت من عمق المشاكل وعاد مشهد الالغاء من جديد، وإن لم يكن عسكرياً، لكنه بالتأكيد معنوي، على الرغم من إعلاننا كمسيحيّين مراراَ، التمسّك بتفاهم معراب والمحافظة عليه، لكن ما حصل هو تلقيّ الفريقين الضربات تلو الضربات من بعضهما، آملاً ان يحذو الثنائي المذكور خطوة زعماء الدروز، وان يترّفعا عن المصالح الخاصة من اجل مصلحة لبنان والمسيحيين.