Site icon IMLebanon

الدروز والحقيبة السيادية… “الإشتراكي” يُفكّر بالأكبر

 

كرّس «إتفاق الدوحة» وما تلاه الديموقراطية التوافقية التي تُعتبر مهمة في الشكل لكنها ضربت النظام اللبناني في المضمون، وبات الدستور وجهة نظر.

 

يؤكد من يتعاطى الشأن الدستوري والقانوني في لبنان أن الدستور شيء والتطبيق على أرض الواقع شيء آخر مختلف تماماً، وقد استغل ملوك الطوائف وزعماء العشائر الثغرات الدستورية والغموض لتفسير الدستور كما يحلو لمصالحهم.

 

وإذا كان «إتفاق الطائف» نصّ على المثالثة ضمن المناصفة في توزيع الحقائب الوزارية، إلا أنه لم يمنح وزارة المال للشيعة مثلاً أو يحصر الحقائب السيادية الأربع بأربع طوائف، ويُقصد هنا بالمثالثة ضمن المناصفة ما يلي: إذا تألفت حكومة من 30 وزيراً فإنها تتوزّع مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، أي 15 بـ 15، من ثمّ ينال السني والشيعي والماروني 6 حقائب لكل مكوّن، في حين ينال الدرزي 3 وزارات، وبقية المكونات المسيحية 9 وزارات.

 

وحُرم الدروز بعد إتفاق «الطائف» من الحقائب السيادية الأساسية مع أن الدستور لا ينص على ذلك، لكن الحديث عاد قبل استقالة الرئيس المكلف سعد الحريري وخلال تأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لمنح الدروز حقيبة سيادية يشغلها سفير لبنان في روسيا شوقي بونصار، الذي يُعتبر من الدبلوماسيين المخضرمين وتحتاجه الخارجية اللبنانية للمباشرة بالإصلاح في الوزارة ولإعادة البلد إلى الخريطة العالمية، خصوصاً وأنه ضليع بالسياسة الخارجية ويعلم جيداً التوازنات الدقيقة.

 

لكن ميقاتي فضّل تأليف حكومته الأخيرة مخففاً «وجع الراس» وتبديل التوزيعة الطائفية، وبعد الإنتخابات النيابية، تنفس رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط الصعداء بعدما انكسر كل حلفاء سوريا الدروز وبات التمثيل الدرزي يمرّ به حصراً دون أي منافس.

 

وتدعو نتيجة الإنتخابات إلى التساؤل هل «يطحش» جنبلاط باتجاه استرداد الدروز الحقيبة السيادية، حيث يبدو أن هذا الأمر منطقي جداً ويعيد طائفة الموحدين إلى صلب القرار.

 

وإذا كان بعض الدروز يطالبون بهذا الأمر، إلا ان لجنبلاط قراءة مختلفة تماماً، فهو يرى أن المشاركة في آخر حكومات العهد العوني لا نفع منها، علماً أنه حصل في الحكومة الأخيرة على وزارة التربية للقاضي عباس الحلبي الذي أعاد ميقاتي طرحه في الحكومة الجديدة التي قدّمها للرئيس ميشال عون ولم تمنح الدروز حقيبة سيادية.

 

يعتبر «الإشتراكي» أن هذه المرحلة ليست للبحث في أوزان الطوائف وأحجامها لأن سقوط الدولة يعني سحق الجميع، بل إن الأساس يبقى بإعادة إنتاج السلطة بعد التخلّص من «الداء العوني» الذي حكم بطريقة سرّعت الإنهيار وأوصلت البلاد إلى الإفلاس وحاولت زرع الفتنة أينما حلّت.

 

من هنا يتركّز إهتمام «الإشتراكي» في المرحلة المقبلة على البحث ومعرفة إتجاه التسوية الإقليمية – الدولية التي يتم الحديث عنها، وتتبع مسار الحرب الروسية – الاوكرانية ومدى تقدّم المفاوضات الأميركية – الإيرانية حول الملف النووي، لأن الإجابة على كل هذه الأسئلة ومعرفة إتجاه السياسة الدولية تدلّان على الإتجاه الذي سيسلكه الوضع اللبناني، وبالتالي ستؤثر هذه المواضيع على ملف رئاسة الجمهورية والعهد القادم، عندها يتم الحديث عن المشاركة داخل النظام، هذا إذا لم يولد نظام جديد.