IMLebanon

جنبلاط يواجه مشروع الفتنة الإسرائيلية داخل طائفة الموحدين الدروز

 

مخاوف من «دولة درزية» تضرب استقلالية الطائفة في لبنان وتحمي الحدود الصهيونية

 

يبذل رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو جهوداً مستميتة لتظهير تحالفه مع شيخ عقل الطائفة الدرزية في فلسطين المحتلة موفق طريف وتصوير أنّ الدروز هم حلفاؤه في الحرب على غزة وعلى لبنان، قاصداً بذلك شقّ صفّ الطائفة الدرزية في بلاد الشام، تمهيداً لمشروع إقامة «الدولة الدرزية» التي يريد لها الامتداد من السويداء مروراً بوادي التيم ثم حاصبيا وراشيا وصولاً إلى الشوف وامتداداً نحو الجنوب بعد عمليات تفريغ سكاني تدفع الشيعة نحو القصير السورية، ولأنّ الجنون الإسرائيلي بلغ مداه، فقد استنفر وليد جنبلاط لاحتواء المواقف وحماية الدروز من شرّ نتنياهو ومشروعه الدموي الخطر.

ليس تفصيلاً بسيطاً أن يتمكن نتنياهو من إحداث هذا الانقسام العلني الحادّ بين دروز فلسطين ودروز لبنان، وليس عابراً ذلك التحريض الذي مارسه بعض أنصار طريف لدروز السويداء لدفعهم إلى إبداء الرغبة في الانفصال عن سوريا وفي إشعال مواجهات توازت مع إعلان الاستعداد لتدخل الدبابات الصهيونية ورسم خطوط حمراء لجيش النظام السوري مع الاستغلال الأقصى لحادثة مجدل شمس في إثارة الانقسامات الداخلية، وهذا ما تجلى في السجال المفتوح الذي خاضه وليد جنبلاط مع طريف.

 

تتراكم المعطيات الدقيقة والحركة المعلنة لإعطاء القناعة لدى وليد وتيمور جنبلاط وقيادة الحزب التقدمي الاشتراكي بأنّ رئيس وزراء العدو نتنياهو يمضي قُدُماً في مشروع تقسيم الطائفة الدرزية وكان لافتاً دعوة الغداء التي وجهها طريف لنتنياهو بالتزامن مع تحضير نتنياهو لزيارة الولايات المتحدة الأميركية وقصف الحديدة في اليمن ورغم كل هذه الأولويات، وجد نتنياهو وقتاً ليزور شيخ العقل، في رسالة تؤكد أنّ الموضوع الدرزي يجري العمل عليه مجدَّداً من قبل إسرائيل..

من المعلوم أنّ وضع الدروز في لبنان هو الأفضل بين التكتلات الدرزية في سوريا وفلسطين. فالقيادة الدرزية هي في لبنان لأنّها في موقع مستقل ومتقدم في المعادلة اللبنانية وعلى مستوى استقلالية الطائفة وفق القانون الخاص بها كما أنّ لديها مؤسسات فاعلة وحرية ووجوداً تأسيسياً وقيادياً معتبَراً في الدولة، وليست تحت النظام السوري وطغيانه ولا تحت الهيمنة الصهيونية، وهذا ما يمكِّنها من التعبير عن الموقف الحقيقي للمصلحة الدرزية على مستوى المنطقة.

 

وأمام هذا الواقع سُجِّلت حركة اتصالات إقليمية فاعلة قامت بها قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي لاحتواء التحريض الحاصل في السويداء ومن الاختراق الصهيوني لها، بالانفصال التام عن الموقف من نظام بشار الأسد، لأنّ الأصل هو الحفاظ على وحدة سوريا وعدم السماح بتقسيمها، وخاصة من الخاصرة الدرزية.

على هذه الخلفية، يجد وليد جنبلاط نفسه جاهداً لتشكيل المشهد الدرزي المضاد لتعامل شيخ العقل في فلسطين وتحالفه مع الحكومة الإسرائيلية، وهذا يوجب تأييد المقاومة في غزة وتفهّم فتح «حزب الله» لفتحه جبهة الجنوب، من منطلف رفض طعن الحزب في الظهر عند حالة الحرب، لكنّه يتمسك بضرورة وقفها ويدعو إلى عدم توريط لبنان في الحرب، فيبدو أنّه يمسك العصا من الوسط لإدراكه أن مخاطر المشروع الإسرائيلي ستنعكس على الجنوب بشكل شديد الخطورة ربطاً برؤية نتنياهو للشرق الأوسط الجديد كما يراه، ويُخشى أن يستغل فترة الانتخابات الأميركية لتوريط واشنطن في حرب يريدها التحالف الحاكم المتطرف لتأمين حدود فلسطين المحتلة ليس فقط من أجل إعادة المستوطنين إلى الشمال الفلسطيني، بل من أجل قلب المعادلة وفرض تهجير المدنيين من الجنوب إلى القصير السورية مستفيداً من حالة الفلتان الحدودية السائدة عند الحدود بين لبنان وسوريا، بعكس الواقع في غزة، حيث يُفشل الرفض المصري مشروع تهجير أهل غزة، لكنّ درة جيش الاحتلال على فرض النزوح على سكان القطاع داخله واضحة للعيان، فحماية المدنيين مستحيلة في الظروف الراهنة للحرب المحتملة.

على هذه الخلفية لا يتوقف وليد جنبلاط عند التفاصيل اليومية، ويُعزِّز قنوات الحوار مع «حزب الله» رغم مشقتها، لأنّه يراها الفرصة المتاحة لتخفيف المخاطر وربما تقليلها إذا سنحت الظروف، وهذا يستدعي من القوى السياسية السيادية خصوصاً النظر إلى حقيقة الهواجس لدى الزعيم وليد جنبلاط وفتح حوار معه ومع الحزب الاشتراكي للإبقاء على توازنات الحدّ الأدنى لصالح منطق الدولة الذي لا يمكن لهم جميعاً التخلي عنه، ولتأمين مواكبة التحولات الجارية إقليمياً ودولياً بنظرة تشاورية متكاملة.

ما جرى في مجدل شمس كان محطة صعبة للغاية على الموحدين الدروز، وكاد يشعل فتنة داخل الطائفة الدرزية، وكاد أن يوقع مخاطر كبيرة على لبنان وهذا ما أدركه الرئيس نبيه بري الذي سعى إلى لملمة الموقف مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لكنّ على الجميع انتظار الأسوأ من نتنياهو سواء بضرب الضاحية وما هو أخطر منها.