Site icon IMLebanon

ثنائي امل – حزب الله يحصد بلديات الجنوب بالتزكية والمنافسة

لم تحمل الانتخابات البلدية في الجنوب مفاجآت من الوزن الثقيل، لكنها كما في المرحلتين السابقتين اسفرت في بعض المناطق عن نتائج ذات دلالات تؤشر الى جملة عناصر يمكن التوقف عندها.

ومما لا شك فيها ان الاجواء العامة لهذه الانتخابات لم تختلف عما حصل في بيروت وجبل لبنان والبقاع، أكان من حيث سلاسة وسلامة العمليات الانتخابية، أو غياب حصول حوادث أمنية تذكر.

ووفقاً لقراءة الأجواء والنتائج فان بعض المعارك تميزت بنكهة سياسية واضحة كما حصل في صيدا وجزين وبعض حاصبيا واقليم العرقوب، واخرى تداخلت فيها العوامل العائلية والمحلية والسياسية لا سيما في تلك البلدات التي حاول اليسار فيها احداث خروق وتسجيل حضور له.

ـ جزين والتحالف ـ

ومما لا شك فيه ان جزين ومنطقتها خطفت الاضواء أكثر من باقي المناطق نظراً للمعركة المزدوجة التي شهدتها على المقعد النيابي الشاغر بوفاة النائب ميشال حلو، وعلى المجلس البلدي للمدينة.

وحسب مصادر متابعة فان فوز مرشح التيار الوطني الحر أمل ابو زيد بالانتخابات النيابية مدعوما من «القوات اللبنانية» كان متوقعاً نظراً للنفوذ الذي يتمتع به التيار في المنطقة من جهة، ولعدم استفادة المرشح الخصم ابراهيم عازار من الدعم الشيعي اي من حركة «أمل» حيث حرص الرئيس بري على عدم التدخل في هذه المعركة، هذا عدا عن وجود مرشح ثالث حصل على كمية ملحوظة من الاصوات هو العميد المتقاعد صلاح جبران الذي يفترض انه يكون اخذ من طريق عازار اكثر من التحالف العوني – القواتي.

وفي تقويم لنتائج الارقام فان ما حصل عليه المرشح عازار (فاق السبعة الاف صوت) يشكل رصيداً شعبياً وازناً في مواجهة ما يفترض ان يكون «تسونامي» شعبي في جزين وقضائها. غير ان ذلك لا يلغي قوة التيار العوني ورفده بكتلة ناخبة مؤثرة من «القوات» وبعض الحلفاء في المنطقة.

ويمكن القول ايضا ان مثل هذه المنافسة الفرعية لانتخاب نائب لمدة لا تتجاوز السنة لا تحظى بالعناصر الكاملة للمعركة، نظراً لعدم اهتمام كل القوى السياسية بها، ورغبتها بابقاء الامور على ما هي والافادة من الاختبار الحالي للبناء عليه في معركة الانتخابات العام المقبل.

واذا كان التيار العوني قد أراد من معركة أمل ابو زيد ان يؤكد ويثبّت تمثيله لمنطقة جزين، فانه في الوقت نفسه حاول تعميم رسالة مفادها انه ما يزال يملك القدرة على خوض المعارك في كل المناطق ويحقق نتائج جيدة فيها. وتتبعها رسالة ثانية هي تأكيد القوة التمثيلية المسيحية التي تشكل عنوان معركة الرئاسة التي تخوضها لايصال زعيمه العماد ميشال عون الى قصر بعبدا.

اما القوات اللبنانية فقد نجحت في سياسة التحالف الثنائي المسيحي الجديدة أن تؤكد انها شريك يمكن الاعتماد عليه، عدا عن أنها استفادت من المعركة لاختبار قوتها في جزين والمنطقة، لا سيما ان الانتخابات النيابية تعكس الحجم السياسي اكثر من البلدية.

وعلى عكس ما ظهر في الجبل حيث الوزن المسيحي الاكبر وأهمية لعبة الأحجام، فان التحالف العوني – القواتي كان اكثر تماسكاً في جزين، وربما يعود الأمر الى تسليم القوات بأرجحية التيار الوطني الحر او رغبتها في تسليف حليفها الجديد للانتخابات النيابية المقبلة في المنطقة.

اما على صعيد الانتخابات البلدية فقد ظهر بشكل لافت الارباك لدى التيار في المدينة رغم الدعم والتعاون مع «القوات»، حيث ساهم «المتمردون العونيون» في نجاح لائحة عازار بخرق لائحة التحالف والحصول على نصف عدد المقترعين.

كما كان لترشيح أمل ابو زيد من خارج مدينة جزين للمقعد النيابي تأثير سلبي زاد من التعاطف مع لائحة عازار، عدا عن لجوء انصار واقارب النائب ميشال حلو الى التشطيب بلائحة التحالف، ويشار ايضاً أن عازار أثبت بأنه رقم صعب في المدينة والمنطقة، فكان الفوز البلدي للعونيين المدعومين من القوات بطعم المرارة.

ومما لا شك فيه ان فوز التيار العوني المتحالف مع القوات بالمقعد النيابي وبمعظم المجلس البلدي لمدينة جزين قد أراحه بصورة عامة، الا ان ما حصل لا سيما على صعيد الانتخابات البلدية احدث بلبلة واهتزازاً في صفوف العونيين في المدينة ستكون له نتائج في المرحلة المقبلة.

ـ أمل ـ حزب الله ـ

اما على صعيد الثنائي الشيعي أمل – حزب الله فان الانتخابات البلدية كرست واقع النفوذ الكامل لهما على الجنوب، بحيث بلغ عدد القرى التي فازت مجالس بلدياتها بالتزكية العشرات، عدا عن أن عددا آخر شهد منافسات بين لوائح كاملة وأخرى غير كاملة او عدد من المرشحين المنفردين.

وفي القراءة للأجواء والنتائج فان الثنائي الشيعي لم يواجه اي تحد او منافسة في المدن والبلدات الكبرى باستثناء حصول معارك تقليدية بسيطة في بعض القرى التي يتمتع فيها الحزب الشيوعي بحضور تقليدي بالتعاون من عائلات وناشطين في المجتمع المدني.

ويمكن تسجيل الآتي:

– بقيت اجواء التنافس تحت سقف نهج المقاومة والتنمية، ولم يرفع اي طرف منافس اي شعار خارج هذا النهج، مكتفياً بالتركيز على التغيير في بعض القرى.

– حصول الانتخابات في اجواء تنافسية طبيعية وهادئة بشهادة اللوائح المنافسة للوائح الثنائي الشيعي.

– جرت بعض المعارك ذات الطابع العائلي الصرف في عدد من القرى التي حرص الثنائي على عدم التدخل فيها.

– لم يسلم الامر من ترشح مناصرين للحركة والحزب في لوائح منافسة للوائح الرسمية للثنائي.

– اعطاء وجود عدد من اللوائح المدعومة الحزب الشيوعي في بعض القوى المعروفة مثل كفررمان وحولا وانصار وغيرها نكهة للانتخابات البلدية مع تسجيل فروق بسيطة غير مؤثرة.

– رغم عدم وجود منافسة جدية فان الجونبيين لبوا دعوة الرئيس بري وسماحة السيد نصرالله للاقبال على صناديق الاقتراع، وسجل نسبة المقترعين درجة جيدة تشكل استفتاء جديداً للثنائي الشيعي في الجنوب.

ـ صيدا ـ

لم تكن النتائج في صيدا مفاجئة، الا ان الرئيس الحريري وتيار، الذي اصيب في نكسة معنوية في بيروت استطاع ان يستخدم ورقة عاصمة الجنوب لرفع معنوياته من جديد.

وبالتالي الافادة من اجوائها ونتائجها في المحطة الأخيرة من الانتخابات البلدية اي طرابلس والشمال حيث الثقل السنّي الكبير.

ولا شك ان معركة صيدا كانت مدروسة بشكل أفضل من قبل تيار المستقبل، غير أن ذلك لم ينف أن يؤكد التنظيم الشعبي الناصري واللقاء الديموقراطي حضورهما في المدينة، ويضيّقا الفارق عن انتخابات 2010.

ويمكن الاشارة في معركة صيدا الى الآتي:

– ادت المنافسة والاجواء قبل يوم الانتخابات الى تحشيد القوى ما عزز نسبة المشاركة في الاقتراع وان لم تصل الى نسبة العام 2010.

– استفادة تيار المستقبل من الحضور والمتابعة اليومية لاحوال المدينة من قبل النائب بهية الحريري، ووجود عدد كبير من مؤسسات التيار التي تضم حشداً من العاملين والموظفين فيها.

– حجم التحالف السياسي والشعبي للائحة السعودي بانضمام الجماعة الاسلامية وانصار الدكتور عبد الرحمن البزري اليها.

– الرصيد الشخصي الذي يملكه رئيس البلدية السعودي.

– نجاح التنظيم الشعبي الناصري وحلفائه في تأكيد رصيدهم الشعبي والسياسي، رغم الفرق في الامكانيات بينه وبين خصومه.

– اعتماد التنظيم على فرق من المتطوعين الذين اتبعوا اسلوب التواصل المباشر مع المواطنين لا سيما في الاحياء الفقيرة والشعبية.

-لم تحقق لائحة علي الشيخ عمار اية نتيجة لافتة، الامر الذي يؤكد ان ما يسمى «حالة الاسير» في المدينة باتت معزولة ومحاصرة.

ـ درس مغدوشة ـ

وفي غمرة انتخابات الجنوب لا بد من الاشارة الى بعض الظواهر والنتائج ذات الدلالات المهمة. ولعل ابرزها خسارة الثنائي العوني – القواتي لمعركة مغدوشة في وجه اللائحة المدعومة من عضو كتلة الرئيس بري النائب ميشال موسى.

ويدل هذا الفوز ان عاصمة الكثلكة في الجنوب اكدت انتمائها لمحيطها، وعدم القبول في دخول الاصطفاف السياسي الضيق الذي جسدته لائحة التحالف العوني – القواتي في وجه خيار لائحة البلدة.

ـ العرقوب ـ

وفي العرقوب منيت الجماعة الاسلامية بهزيمة ساحقة وفشلت في تحقيق الفوز في شبعا والهبارية حيث فازت في الاول اللائحة المدعومة من النائب قاسم هاشم وبعض فعاليات البلدة والعائلات، وفازت في الثانية لائحة العائلات المدعومة من الحزب الشيوعي.

ولهذه الخسارة للجماعة دلالات عديدة اهمها فشل محاولة خلق اجواء على الحدود الجنوبية الشرقية، لدعم ما يسمى بالمعارضة السورية والمجموعات المتطرفة.

ـ حاصبيا ـ

سجل في هذه المنطقة نجاح الحزب التقدمي الاشتراكي في البلدة على لائحة العائلات التي قال انها كانت مدعومة من الحزب الديموقراطي والحزب السوري القومي الاجتماعي. اما في المنطقة فقد حقق الديموقراطي والقومي نجاحات في بعض القرى مقابل نجاحات اخرى للتقدمي.