Site icon IMLebanon

هجوم السلطة المزدوج

 

ليست القوى السياسية المتحكمة بمفاصل لبنان واللبنانيين في غيبوبة. هي تعرف تماماً الحضيض الذي أوصلت المواطنين إليه. صحيح أن رموزها لم يعودوا قادرين على لقاء الناس والاختلاط بهم، فهم حتماً سيقابلون بازدراء وصيحات الاستهجان والطرد، لكن يمكن هؤلاء الرموز إرسال عسسهم الى البنوك والمراكز التجارية والمزارع والمصانع، او ما تبقى منها، ويمكنهم إرسالهم للقاء المواطنين وسماع صرخاتهم ويأسهم، لكنهم لا يفعلون، ويصرون على إرسال عصاباتهم لضرب الانتفاضة وتمزيق صفوفها.

 

وما حصل في اليومين الماضيين، عشية الاستشارات النيابية المؤجلة، كان مؤشراً على لا غيبوبة هؤلاء الرموز وعزمهم على الاستمرار في سياساتهم، وكأن لا أزمة في البلاد تحتاج حلاً ولا مشكل اقتصادياً ومالياً يستدعي تدابير فورية على رأسها الاستجابة لمطلب المنتفضين في تشكيل حكومة خبراء من ذوي الايدي النظيفة والتاريخ الشريف.

 

استبق رموز السلطة الاستشارات بالتحرك على خطين. الخط الاول ضرب الانتفاضة وتجمعاتها في وسط بيروت، عبر استنفار المندسين الذين تولوا إشعال الحرائق 14 مرة متتالية في خيم المعتصمين، وهاجموها بالعصي والحجارة والسكاكين، ولَم تتعرف عليهم السلطات حتى اليوم. هؤلاء سعوا ، ومعهم ما يعرف بشرطة مجلس النواب الى طرد الجموع الأهلية من محيط المجلس النيابي، وازالة آثارها من الساحات، وإعطاء انطباع مفاده ان الانتفاضة وقعت في الفوضى، او في الاستخدام السياسي من جانب أطراف السلطة.

 

الخط الثاني مواصلة المناورات والمؤامرات لحصر الخيار بالرئيس سعد الحريري، كرئيس مكلف تشكيل الحكومة الجديدة، شرط التزامه بمطالب تتراوح بين تقديمه حكومة تكنوسياسية او حكومة إنقاذية من الطقم الجاهز، وفِي الحالتين إجباره على تجاهل الأزمة ومطالب المجتمعين المحلي والدولي، وإعادة المشكو منهم الى سدة الحكم.

 

لا شيء سيتغير بين اليوم والخميس، وستكمل السلطة محاولة إجهازها على الانتفاضة وسعيها إلى مواصلة التحكم بالبلد ومصيره، املاً منها ان يعترف اللبنانيون بأنها خازوق لا يمكن تجنبه، فيصبح شعارهم عندها: “اللي قاعدين عليه … خايفين عليه”… لكن ذلك لن يحصل.