الوفد القطري لمس إصراراً لبنانياً على إنجاز الاستحقاق في جلسة 9 ك2
فيما لا زال الحدث السوري يستأثر بالاهتمام الداخلي والخارجي، مع تزايد حركة الموفدين العرب والأجانب إلى دمشق، للقاء رئيس الإدارة السياسية للحكم الجديد في سوريا أحمد الشرع، والبحث في مستقبل البلد بعد سقوط نظام بشار الأسد، ارتفع منسوب الحراك السياسي والنيابي في لبنان، المتصل بالاستحقاق الرئاسي، مع اقتراب موعد جلسة الانتخاب الرئاسي في التاسع من الشهر المقبل. وعلى أهمية الدعوات إلى إنجاز الانتخابات الرئاسية في هذا الموعد، توازياً مع تأكيدات عدد من المسؤولين أن الأجواء إيجابية، وأن نسبة التوقعات بطي صفحة الشغور في هذه الجلسة، إلا أن المعطيات المستقاة من أوساط الموالاة والمعارضة، لا تشير إلى حصول تقاطع ولو بالحد الأدنى حول اسم أو اثنين للرئاسة الأولى بعد، باستثناء حرص الجميع على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة المنتظرة. بانتظار ما ستحمله الأيام المقبلة من مشاورات على هذا الصعيد، وفي حين يتوقع أن يقوم النائب السابق وليد جنبلاط بزيارة إلى «معراب»، للقاء رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، حيث سيكون الملف الرئاسي الطبق الأساسي بين الرجلين، لا زالت قوى المعارضة تتحدث عن ضبابية كبيرة في موقف «الثنائي» من الاستحقاق الرئاسي، بانتظار ما سيقوله مرشح هذا الفريق لغاية الآن سليمان فرنجية في كلمته، اليوم، أمام كوادر «المردة». وما إذا كان سيعلن خروجه من السباق الرئاسي، أم لا ؟. وتشير أوساط المعارضة، إلى أن موقف «حزب لله» الغامض من هذا الملف، يزيد الشكوك بإمكانية ألا تكون جلسة 9 كانون الثاني مثمرة، في ظل عدم وجود نوايا حقيقية من أجل التحاور بشأن شخصية أخرى للرئاسة. وهذا من شأنه إسقاط كل مبادرات التسوية، ولا يمكن في ظل هذا الواقع، توقع ظهور نتائج إيجابية من هذه الجلسة، قبل أن يعلن «حزب لله» تحديداً تخليه عن فرنجية، واستعداده للبحث في أسماء أخرى.
وتخشى القوى المعارضة، رغم الضربات التي لحقت بمحور «الممانعة»، ألا يكون «حزب لله» في وارد تقديم تنازلات، تساعد الجهود الداخلية والخارجية في تحقيق إنجاز يفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية. ما يجعل الأمور تراوح على صعيد الحراك الدائر في الملف الرئاسي. لكن في الوقت نفسه، فإن المعارضة تعتبر أن «حزب لله» غير قادر على فرض شروطه على اللبنانيين، بعد النتائج التي أفرزها العدوان الإسرائيلي على لبنان، وما أصاب جماعات إيران في المنطقة. وتسأل الأوساط المعارضة، هل أن الرئيس نبيه بري الذي لا يتردد عن إشاعة أجوائه التفاؤلية في كل مناسبة، قادر على الضغط على حليفه لتقديم تنازلات من أجل انتخاب رئيس للبلد في الجلسة المرتقبة التي ينتظرها الجميع ؟. وأكثر من ذلك فإن هذه الأوساط، ترسم علامات استفهام عن قدرة رئيس البرلمان على تحقيق مبتغاه، طالما أن «الحزب» لم يغير موقفه من الاستحقاق الرئاسي.
ومع الإصرار الفرنسي على أهمية أن يكون للبنان رئيس في أسرع وقت، فإن باريس مقتنعة، وكما أبلغ مبعوثها الرئاسي جان ايف لودريان المسؤولين اللبنانيين، بأن لا سبيل لإنجاز الاستحقاق الرئاسي العالق في لبنان، إلا بسلوك الخيار الثالث. وهو ما طرحه على من التقاهم، ومن بينهم «حزب لله». بعد التيقن من استحالة السير بمرشحي المعارضة والموالاة، ولا بد تالياً من سلوك طريق آخر توافقي، يوصل إلى انتخاب الرئيس العتيد. وقد أبلغ عدد من سفراء «الخماسية» شخصيات لبنانية، استعداد دولهم لتقديم كل الدعم المطلوب للرئيس اللبناني الجديد، ولحكومته التي يصار إلى تشكيلها، سيما وأن لبنان لا يمكنه النهوض في ظل هذا الوضع، دون دعم عربي ودولي، في ظل وجود سلطة قوية قادرة على بسط سيطرتها على كامل أراضيها. انطلاقاً من التزام لبنان تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وعدم إعطاء إسرائيل أي ذريعة للاعتداء عليه مجدداً.
وتؤكد مصادر «الخماسية» لـ«اللواء»، أن الأجواء التي سادت لقاءات الوفد القطري في بيروت، إيجابية وتدعو إلى التفاؤل بعد المحادثات التي أجراها مع عدد من المسؤولين، مشيرة إلى أن رئيس الوفد الوزير محمد عبد العزيز الخليفي أبلغ من التقاهم أن بلاده، أو أياً من أعضاء «الخماسية» لا يفضل مرشحاً على آخر، وإنما هذا الأمر منوط بمجلس النواب الذي عليه أن يختار من يراه الأفضل لرئاسة لبنان. لكن ما يهم أعضاء المجموعة هو العمل على معالجة الشغور الرئاسي، في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها لبنان، وهذا ما يحتم على المسؤولين والنواب، القيام بواجبهم لمنع استمرار هذا الوضع غير الطبيعي، وأن تتوحد الجهود عند الموالاة والمعارضة، سعياً لانتخاب رئيس للبلد، يعيد تفعيل المؤسسات، ويحقق تطلعات اللبنانيين. واستناداً إلى معلومات هذه المصادر، فإن الأمل كبير بتصاعد الدخان الأبيض في جلسة الانتخاب الرئاسي، بما يؤدي إلى حصول توافق في الأيام المقبلة على إحدى الشخصيات للرئاسة الأولى، أو انتظار نتيجة الدورات الانتخابية التي سيتم الاحتكام إليها، لإنجاز هذا الاستحقاق بعد أكثر من سنتين على خلوِّ سدة الرئاسة الأولى.