IMLebanon

«مقالب وأفخاخ» تهدّد الـتحالفات واللوائح الإنتخابية

 

على مسافة تسعة أيام من إقفال باب تسجيل اللوائح الإنتخابية استعداداً لفتح صناديق الإقتراع بعد أربعين يوماً اهتزّت معظم اللوائح على وقع الإرتجاجات التي قادت اليها «عروض الإنقلابات» في المواقف والتحالفات، وخصوصاً أنّ معظم قادة اللوائح امتهنوا في الفترة الأخيرة بمهارة نصبَ الأفخاخ لاستكشاف الإستراتيجيات المعتمَدة في تركيب ما يشبه القوائم لا اللوائح. فكيف السبيل الى هذه القراءة ومظاهرها؟

على قاعدة انّ الغايات تبرّر الوسائل لبلوغها أيّاً كانت في شكلها ومضمونها والنتائج المترتّبة عليها، خاض بعض قادة الأحزاب والتيارات معركة تركيب اللوائح الإنتخابية بعيداً من كل أشكال التحالفات التقليدية التي حكمت المراحل السابقة والمبادئ التي قامت عليها سعياً وراء الحاصل الإنتخابي بالدرجة الأولى، والذي فتح بالدرجة الثانية الباب مشرّعاً أمام حروب صغيرة سعياً الى الصوت التفضيلي الذي فرّق بين الأخ وأخيه من ضمن البيت الواحد.

ولا يشذّ على هذه القاعدة التي يمكن أن تنطبق على كل هذه التحالفات سوى «الثنائي الشيعي» الذي أنهى فروضه مسبَقاً واعتمد الطقوس التي يفرضها «الحلف المقدَّس» لتأكيد التحالفات بينهما بما يضمن الفوز نهائياً بالمقاعد الشيعية ووقف كل أشكال المقاعد بـ «الإعارة» أو بـ «الأمانة» التي كانت تُهدى في كل استحقاق انتخابي الى هذا الحليف أو ذاك حليف الحليف، وهو يستعدّ الى وضع الجداول النهائية لتوزيع الأصوات التفضيلية في دوائره بنحوٍ لا يضيع من هذه الأصوات سوى التي تشكّل فائضاً من القوة في بعض الدوائر والتي يمكن الدلالة عليها لاحقاً من أجل حسم المواجهات المرتقبة بلا أيّ تشكيك.

وعليه، تترقب الأوساط السياسية بكثير من الواقعية حجمَ التقلّبات التي سُجّلت في الأيام الماضية بين القوى السياسية والحزبية، وهي تتطلّع اليها على أنها من التوقعات الطبيعية والمنتظرة حتى إقفال باب تشكيل اللوائح في 26 آذار الجاري. فمعظمها لم يتشكل بعد وإنّ بعض الاتّفاقات التي تسرّع البعض في الإعلان عنها تبيّن لاحقاً أنها لم تكتمل فصولاً بعد، بدليل أنّ شكوى المتخوّفين نتيجة عدم تحديد أيّ موعد للإعلان عنها حتى الآن.

وفي التفاصيل، تراقب الأوساط السياسية الحركة المكوكية لمسؤولي الماكينات الإنتخابية الذين فُوّضوا باجراء الإتصالات اللازمة لتكريس أيّ تفاهم أو إنهائه على حدٍّ سواء. واللافت أنّ تعدّدَ الدراسات ونتائج استطلاعات الرأي يفعلان فعلهما في تحوّل بعض المفاوضين من موقع قوة الى المقلب الآخر وبالعكس، وهو ما هدّد بعض التحالفات المبدئية الي كان قد تمّ التوصل اليها في اكثر من دائرة انتخابية في العاصمة والمناطق.

وبناءً على ما تقدم، ارتفعت شكوى «القوات اللبنانية» مثلاً من تراجع تيار «المستقبل» عن تعهّدات سابقة في البقاع الغربي والجبل والشمال متّهمةً إياه بنقل بعض المقاعد من مرشحين مبدئيّين لـ»القوات» الى «التيار الوطني الحر» من دون الإشارة الى السبب الفعلي لذلك. فالمفاوضات السابقة بين الطرفين لم تكن قد وصلت الى خواتيمها ليُصار الى التضحية بالحلف مع «القوات» ونقلها الى «التيار البرتقالي».

وهي حال الخلاف مثلاً على المقعدَين الماورني والأرثوذكسي في البقاع الغربي والآخر الأرثوذكسي في عكار، علماً أنّ الخلاف بين الطرفين ليس على مقعد ماروني عادي وإنما على مقعد مضمون سلفاً في حال تمّت الصفقة النهائية بين الطرفين.

ولذلك وباعتراف المعنيّين في الماكينات الإنتخابية أنّ استطلاعات الرأي تبدّل في شكل المواقف والتحالفات بين يوم وآخر، وهو أمر عادي فليس هناك من طرف يمكنه القبول بالتخلّي عن مقعد نيابي أيّاً كانت هوية صاحبه ومذهبه متى كان مضموناً بفعل توافر الحاصل الإنتخابي. وعليه، يقول أحد الخبراء، هذا هو حال الخلاف بين تيار «المستقبل» والسيدة ميريام سكاف التي أظهرت كل الإحصائيات أنّ لديها في زحلة حاصلاً كاملاً «طابشاً» في اتّجاه المقعد الثاني من دون أيّ نقاش، فما هي مصلحتها في التحالف معه «التيار الأزرق» ما لم تنل مقعداً ثانياً نتيجة تعزيز الجزء المتوافر المضاف والفائض على الحاصل الأوّل المضمون.

على هذه الخلفيات تشعّبت التعقيداتُ في الساعات الماضية وبات التفاهم بين «القوات» و»المستقبل» صعباً في كثير من الدوائر لسبب وجيه كشف عنه أحدُ مسؤولي ماكينة «التيار الأزرق» عندما قال في مجلس خاص «إنّ ما كان مطلوباً من «القوات اللبنانية» في البقاع الغربي وبعلبك – الهرمل ومناطق مختلفة من جبل لبنان وبيروت وفّره «التيار البرتقالي»، وهو الذي أدّى الى نسف التفاهمات المبدئية مع «القوات اللبنانية» وهي أمور تقنية ومتشعّبة نتيجة استطلاعات جديدة جعلت تقديمات «التيار البرتقالي» ممكنة لـ»التيار الأزرق» وهو ما أدّى الى هذه الإنقلابات في المواقف التي أشارت اليها «القوات» في بيانها شبه الرسمي الذي نشرته على موقعها الرسمي قبل يومين ونعت فيه تحالفها مع «المستقبل».

وعليه لا يقف المراقبون عند ما سُجِّل الى اليوم من افتراق بين حلفاء الأمس وتقارب بين أعدائه، فالمرحلة ستسمح بكثير من المفاجآت التي تقارب الإنقلابات، فكل شيء مسموح قبل 26 من الجاري، ولم تسجَّل لدى دوائر وزارة الداخلية سوى لوائح قليلة لم تقترب بعد من أن تكون بنسبة الـ 10 % في انتخابات يُتوقع أن تسجَّل فيها ما بين 65 و 85 لائحة إنتخابية لتخوض المواجهات المفتوحة على شتى الإحتمالات في 15 دائرة انتخابية.

والى حينه ما على اللبنانيين سوى انتظار مزيد من المفاجآت عند إعلان مزيد من اللوائح التي يمكن أن لا يستوعبها منطقٌ في المرحلة الأولى. وهي تنحو لتكون «قوائم إنتخابية» جمعت المصلحة بين أعضائها لا «لوائح» يدّعي أعضاؤها التكافل والتضامن في ما بينهم. فهذه العبارات ستزول قريباً من المداولات وتحديداً عند اندلاع حرب أخرى أشدّ شراسةً في السباق المحموم الذي سينشأ على الأصوات التفضيلية ومَن ليست لديه ماكينة انتخابية تحصي أنفاس ناخبيها سيكون من المستهجن والمستغرب إدّعاؤه بالفوز من الآن. فالساعاتُ الأخيرة التي ستواكب فتحَ صناديق الإقتراع في 6 أيار المقبل ستحمل كثيراً من الأخبار السيّئة لبعض الأقطاب لتحمل مزيداً من المفاجآت السارة لآخرين سيلعب الحظ دوره في طريقهم الى ساحة النجمة.