ما زال الملف الدرزي يثقل كاهل القيادات الدرزية، خصوصاً على خلفية ما يجري في السويداء والحضر، إلى المجزرة التي حصلت في بلدة «قلب لوزة»، والتي كانت الشرارة التي فجّرت الخلافات الدرزية ـ الدرزية، حيث بات الإنقسام واضحاً بين الجنبلاطيين والإرسلانيين على وجه الخصوص، في حين أن رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب استطاع أن يشكّل حالة خاصة، لا سيما بعد زيارته إلى لبدة حضر في جبل الشيخ، والتي أعطته دعماً درزياً في لبنان وسوريا كونه زارها في مرحلة بالغة الحساسية والدقّة.
وفي المقابل، عُلم أن رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط والنواب الدروز الحاليين، إلى النائب السابق فيصل الصايغ، يتحرّكون في الآونة الأخيرة في اتجاه المرجعيات الروحية الدرزية بشكل بعيد عن الأضواء، لوضع المشايخ في صورة ما يجري على المستويين السياسي والعسكري في سوريا، وضرورة عدم إقحام الدروز في أي صراع مع جيرانهم. وهنا، ينقل النائب مروان حمادة الذي يواكب النائب جنبلاط في هذه الزيارات، ارتياحاً لموقف المشايخ خلال هذه اللقاءات، وما يشكّلون من ثقل معنوي وروحي وحكمة ودراية في قراءة ما يجري، وبالتالي، فإن هؤلاء تفهّموا نداءات زعيم المختارة المتتالية على صعيد الوقوف في وجه انزلاق الدروز إلى أي فتنة مع إخوانهم في سوريا، وذلك من دون إغفال وجود أعداد هائلة من الدروز في دول الخليج، حيث تتم رعايتهم ومساعدتهم، كما هي الحال مع باقي اللبنانيين ومن كل الطوائف. كذلك، كشف حمادة أن هذه اللقاءات أكدت على العقّال من الدروز التنبّه إلى كل المحاولات الجارية لزجّهم في صراعات يسعى النظام السوري لاستخدامهم كوقود في المعارك الجارية، كما سبق وحصل في حقبات سابقة في لبنان. ويقول النائب حمادة في هذا المجال، أن مردوداً إيجابياً قد لوحظ في الفترة الماضية بعد أكثر من اجتماع بكبار المشايخ الذين أكدوا على أن هناك ارتياحاً يسود كل المستويات الدرزية.
وفي سياق متصل، تشير أوساط درزية مطّلعة، إلى عدم بروز أي من هذه التحرّكات الجنبلاطية إلى الأضواء، وحصرها بمسؤولين من الحزب التقدمي الإشتراكي لجهة التنظيم والإعداد قبل أن يبادر النائب جنبلاط إلى القيام بجولاته التي شملت حتى الآن معصريتي وبيصور وبعض قرى وبلدات الشوف والجرد وذلك بسبب الظروف الأمنية الحالية.
لكن السؤال المطروح وفق الأوساط الدرزية القريبة من المعسكرين الجنبلاطي والإرسلاني، يتركّز على موقف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي في حال لم يسقط النظام السوري، خاصة بعد صمود قرى وبلدات جبل العرب، وذلك تزامناً مع استمرار الموقف الروسي المتشدّد في دعمه للرئيس السوري بشّار الأسد، وهو ما كان قد تبلّغه جنبلاط من صديقه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، واللافت في هذا الإطار الموقف الأخير للنائب غازي العريضي، والذي أكد على الدور الإيراني وحضوره في المنطقة، وكذلك حسمه لحتمية توقيع الإتفاق النووي الإيراني، لا بل أن العريضي غمز من قناة السعودية ودول الخليج عندما أشار إلى عدم واقعيتهم للدور الإيراني ومغازلة الأميركيين لطهران. وهذا الأمر يدفع إلى توقّع هذه الأوساط أن تكون للعريضي مهمة مستقبلية قد يكلفه بها النائب جنبلاط، في حال حصول تطوّر ما في الأزمة السورية، وقد تتركّز على تقريب وجهات النظر بين زعيم المختارة وطهران، على غرار ما كان يقوم به العريضي في العلاقة الجنبلاطية ـ السورية، سيما أنه كان الأقرب إلى اللواء الراحل محمد ناصيف. وتزداد التساؤلات حول الموقف الجنبلاطي المقبل بعد تأكيد العريضي أيضاً عدم سقوط النظام السوري، مما يخفي في طياته إزدواجية أو عملية توزيع أدوار في الموقف الدرزي العام، إلا إذا كان النائب العريضي يغرّد منفرداً، ولا ينسجم مع زملائه في الموقف من النظام السوري، علماً أنه «يمرّك» دائماً على قوى 14 آذار، وعلى كل من يدور في فلكهم.