IMLebanon

الدينامية الاسلامية الى اين؟

هل ان ذبح الصحافيين الاميركيين على يد تنظيم «الدولة الاسلامية» هو الذي ايقظ الولايات المتحدة من نومها العميق حيال ما يجري في منطقة الشرق الاوسط، ودفع رئيسها باراك اوباما للتحرك باتجاه عواصم العالم، ليشكل تحالفا سياسيا وعسكريا ضد «تنظيم داعش» الارهابي التكفيري، ام ان اميركا ودول العالم شعرت بأن «داعش» ليس سوى نتيجة، او ليس سوى وليد الدينامية الاسلامية، التي تشبه البراكين، تثور احيانا فتدمر كل ما في طريقها، وتهدأ وقتا لتعاود ثورانها، ضمن حلقة دائمة من الركود والثوران، وهذه الدينامية، التي عمرها من عمر نشوء الاسلام، ليس لها من هدف سوى الوصول الى الحكم والسلطة، واعتماد القرآن الكريم، دستورا لاي دولة يتم تحريرها من مسلمين «مدنيين» أو مواطنين من اديان ومذاهب اخرى، وهي – اي الدينامية – ليست وقفا على المسلمين السنة الاكثر عددا، بين المذاهب الاسلامية، بل ان كل مذهب يصنع ديناميته الخاصة، تبعا لقدراته ووزنه، واذا نجح في ترجمة ديناميته الى انتصار ينشئ دولته الاسلامية الصغيرة، على امل توسيع حدودها في حقبة مؤآتية من الثورات، وحتى لا نعود الى الماضي البعيد، ونعدد التنظيمات والحركات الاسلامية المسلحة التي تمكنت الوصول الى الحكم، في عدد من الدول ذات الاغلبية الاسلامية، ثم خسرته لصالح آخرين، تكفي الاشارة الى الدور الذي لعبه الاسلاميون اثناء اسقاط الرؤساء المسلمين الفاسدين والدكتاتوريين في تونس وليبيا ومصر واليمن والعراق وايران، وبعد اسقاطهم والصورة البشعة التي ظهروا بها وهم يعملون على سرقة الانتصارات التي حققتها شعوب هذه الدول مجتمعة، وتأتي سوريا اخيرا مثلا حيا على ما فعلته هذه التنظيمات الاسلامية التكفيرية من جرائم بحق الشعب السوري، والحقته من اذى في ثورته الشعبية من اجل الحرية والكرامة والعيش اللائق، بتصرفاتها الارهابية التي طاولت جميع السوريين كما سبق لها وطاولت جميع التونسيين، ومثلهم جميع الجزائريين، وبعدهم الليبيين والمصريين واليمنيين والعراقيين.

***

عدد المسلمين في العالم يتجاوز المليار ونصف المليار انسان، ومعظم هؤلاء يعيشون في الفقر والعوز والجهل، وتحت حكم الانظمة الدكتاتورية الفاسدة، التي لا تختلف بشيء عن «داعش» وباقي التنظيمات «سفاكة الدماء» وكان من الطبيعي ان يكون على الاقل ربع هذا العدد من المسلمين، في خانة التنظيمات الارهابية، انما الواقع ليس هكذا على الاطلاق، لان الدينامية الاسلامية تنقسم في الحقيقة الى قسمين دينامية اسلامية اصلاحية مدنية، تريد قيام دولة اسلامية، ولكن على قواعد العدل والحرية والتسامح، وتوزيع الثروات توزيعا عادلا، وهي الدينامية الاكبر شعبيا والاوسع امتدادا في العالم، وهناك دينامية اسلامية، موجودة لدى السنة، كماهي موجودة لدى الشيعة، تستخدم العنف والقهر والقتل ورفض الاخر، سبيلا لقيام دولتها، مع فوارق في الاسلوب والتنفيذ احيانا، ولكنها في نهاية الامر هي اكثر المسلمين اساءة الى الدين الاسلامي، والى ديناميته في الوصول الى الدولة التي تحقق طموحات المسلمين المعتدلين، لكن الغريب في الحالتين ان هذه الدينامية ليست موجودة في المسيحية، اكبر الاديان واوسعها انتشارا، بعدما تخلت عنها منذ قرون وانفتحت على العيش الواحد بين جميع الاديان، وموجودة لدى اليهود، وترجم باقامة كيان يهودي على ارض عربية بالقوة المسلحة، ولم يتم الاعتراف به حتى الان بعكس دولة ايران الاسلامية، والسودان الذي بدأ منذ مدة بتطبيق الشرع الاسلامي، ولو ان ابناء الاديان السماوية الثلاثة، يتخلون في شكل كامل عن اقامة انظمة دينية يمارس فيها التمييز الديني بحق بعضهم بعضا، وبحق الاخرين المختلفين عنهم، من ان العالم عاش بسلام واستقرار وتعاون واعتراف بالاخر، بعيدا عن القتل، والذبح والتدمير التي يمارسها تنظيـم داعش ومن هم على شاكـلته.