IMLebanon

ديناميّة سياسيّة توافقيّة

لم تكد الساحة الداخلية تخرج من مأزق الخلاف حول «تشريع الضرورة»، إلى انفراج واسع ساهم في قلب المشهد المأزوم إلى مشهد تشريعي إيجابي، حتى خرق التفجير الإرهابي في برج البراجنة مناخ الاستقرار السياسي الذي كان مسرحه ساحة النجمة. وعلى الرغم من هول مشهد التفجيرين الانتحاريين، فإن الحيوية السياسية التي انطلقت من الجلسة النيابية صباح الخميس الماضي، والتي أتت نتيجة توافق شمل مختلف القوى السياسية، مستمرّة بالزخم نفسه في المرحلة المقبلة، كما أكدت أوساط وزارية مواكبة للحراك السياسي الكثيف الذي انطلق أخيراً. وأكدت هذه الأوساط، أن موجة التوافق ترسّخت أكثر نتيجة التضامن الواضح بين كل الأطراف ضد الإرهاب التكفيري، وبالتالي، فإن التسوية الأخيرة مستمرة في مفاعيلها، كما أن أصداءها ستتردّد على أكثر من مستوى في المرحلة المقبلة، وخصوصاً على الصعيد الحكومي، حيث أن كل المكوّنات الوزارية قد أكدت بشكل مباشر أو غير مباشر، على وجوب منع حال الشلل من الاستشراء أكثر والتأثير في الاستقرار العام.

ومن هنا، فإن الخروج من واقع المراوحة قد بات إجراءً ملحّاً في اللحظة الراهنة، بعدما بات لبنان في عين العاصفة الإرهابية التي تضرب المنطقة. وتوقّعت بالتالي، أن تشكّل حال الإستنفار السياسي نتيجة الاستهداف الإرهابي الخطر بالأمس، مدخلاً إلى بحث جدّي لتسوية تتخطّى تسوية «تشريع الضرورة» إلى مبادرة سياسية متكاملة تسمح بالخروج من حال الشغور الرئاسي، علماً أن الدعوة الأخيرة التي أطلقها السيد حسن نصرالله لإيجاد تسوية داخلية ضمن «سلّة» توافق متكاملة، قد لاقت أصداءً فورية إيجابية لدى المعنيين، بحيث كانت المبادرة السياسية لإيجاد تسوية «نيابية»، وهي تؤذن بمسار سياسي جديد قوامه العنصر الداخلي لمقاربة الملفات الخلافية تمهيداً للخروج من مأزق الشغور، والذي بات يشكّل خطراً على الجميع فيما لو استمرّت المؤسّسات على حالها من التعطيل.

وبمعزل عن كل ما رافق الساعات الأخيرة من تطوّرات أمنية، بدءاً بالكشف عن مخطّطات إرهابية وصولاً إلى التفجيرين الانتحاريين في برج البراجنة، فإن الأوساط الوزارية نفسها، أكدت أن الوضع الأمني ما زال محصّناً نتيجة التنسيق الحاصل بين كل الأجهزة الأمنية، والذي سمح بالكشف عن أكثر من شبكة إرهابية في الأسابيع الماضية، وهو الأمر الذي يشكّل المظلّة الحقيقية للساحة الداخلية في وجه مخطّطات الفتنة والعمليات التكفيرية التي عادت لتستهدف لبنان في الوقت الذي كان ينطلق فيه مسار سياسي توافقي. واستدركت الأوساط ذاتها، أن تعزيز هذا المسار يشكّل مجدّداً الهدف الذي باشر مجلس النواب العمل عليه من خلال اجتماعه بالأمس، وسيكون الحافز لإعادة تفعيل الحكومة في وقت قريب، كون العنوان المرفوع اليوم يحمل أولوية واحدة هي حماية السلم الداخلي، وتشكيل جبهة موحّدة ضد الإرهاب، وذلك لحماية وتعزيز مناخ الاستقرار العام، بعدما باتت الكرة في يد اللبنانيين وحدهم للدفاع عن وحدتهم وتأمين الحلول لخلافاتهم السياسية.