الحدث الاغترابي عبر تسمية «الدياسبورا» يفرض ذاته من خلال مؤتر الطاقة الاغترابية الذي هو نتيجة جهد متواصل منذ اربع سنوات لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وفريق عمله.
وكانت مناسبة طيبة ليلتقي الكثير من المقيمين مع أقرباء وأنسباء وخلّان ومعارف وأتراب مضت سنوات على بعضهم، وعقود على البعض الآخر، وهم في المقالب الأخرى من العالم.
جاءوا من الزوايا الأربع الى المؤتمر. من بلدان العالم الأول ومن بلدان العالم الثالث وبلدان ما بين التصنيفين… وكانوا 2000 لبناني ومتحدّر.بينهم حكام سابقون وحاليون، وحكام ولايات، ووزراء ونواب محليون وفدراليون، وديبلوماسيون واعلاميون، ونجوم تلفزيون، وعلماء (…) ومعظمهم متفوقون في بلدان الغربة والانتشار لأن الفرص متاحة أمامهم فلا يقنصها الورثة هنا، والأتباع هناك، والزاحفون في كل زمان ومكان كما هي الحال عندنا، اذ يفرغ بلدنا من الطاقات الخلاقة والادمغة الفذة، وحتى الَمَهَرَة من أصحاب الحرف والفنون… فيهاجرون لتستفيد منهم دول العالم.
جاء بعضهم لأن أباه وربما جدّه زرع فيه، منذ الطفولة بقايا نوستلجيا لهذا البلد الذي تركه الى بلاد الله الواسعة ليبدأ حياته «حامل كشّة» يبيع الابرة والدبوس والخيط و«المغّيط» فيصبح من كبار الصناعيين والتجار والمصرفيين ورجال المال والأعمال…
وليصبح أبناؤه وأحفاده في أرفع المناصب في البلد الذي إحتصنهم وأفسح لهم في المجال لتحقيق الطموح والذات.
وصلوا الى «البلد الأم» الى مسقط رؤوس الأوائل من المهاجرين ليجدوه غارقاً في الأزمات والعقد والتعثر والفساد والطرقات المحفّرة، والكهرباء غير منتظمة التيار، والسمسرات الفاضحة… خصوصاً العجز عن مواجهة أي أزمة بالحل المعقول، فتتراكم الأزمات، وتتناسل لتصبح هي العنوان وهي التفاصيل، هي المبتدأ وهي الخبر…
ومع ذاك لم يتملكهم اليأس، وربما بقوا يراهنون على هذا الوطن: اعطونا «دولة» (بالمعنى الحقيقي للدولة) وخذوا منّا استثمارات ومشاريع. اعطونا صدقية وخذوا منّا أعمالاً تسهم في تحسين الإقتصاد ورفع معدل الدخل القومي، اتفقوا في ما بينكم ونحن حاضرون لكل مساعدة… تلك عيّنات مما كانوا يقولون ويردّدون. «اعطونا عدالة وخذوا تنمية»… وتلك كانت من أبرز ما قيل وتردد في أروقة المؤتمر في البيال أمس.
جميل جداً أن تستمر هذه الحركة المباركة في التواصل بين جناحي الوطن المقيم والمنتشر. والأجمل كان مشهد الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري والوزير جبران باسيل يوقعون المرسوم الأول لاستعادة الجنسية التي هي حق صراح لأصحابها. إلاّ أنّ الأجمل أن يشعر أبناؤنا في «الدياسبورا» بأنّ هناك وطناً ودولة وقانوناً وعدالة في بلد الأرز.