Site icon IMLebanon

الضرائب تضع طرفَي الإنتاج في مواجهة: لكل فريق لوائحه

 

بعد أن أغرقت الدولة نفسها في مأزق سلسلة الرتب والرواتب وضرائب تمويلها، أصبحت أطراف الانتاج مرغمة على الاقتناع بضرورة دفع السلسلة وفرض الضرائب، إلا ان الضرائب التي يقبل بها ارباب العمل، يرفضها العمال.

يعقد مجلس الوزراء جلسة اليوم للتوصل الى حلّ لأزمة سلسلة الرتب والرواتب التي «طيّر» المجلس الدستوري ضرائب تمويلها، والتي يستنفر موظفو القطاع العام لمواجهة اي قرار حكومي قد يؤجل دفع رواتب الشهر الحالي وفقا للسلسة الجديدة.

ورغم ان وزير المالية علي حسن خليل أعلن امس أن الوزارة حضّرت جداول دفع الرواتب وفق السلسلة الجديدة التزاماً منها بالقانون النافذ، يبقى أن تبتّ الحكومة اليوم هذا الأمر وتختار بين إعادة الضرائب من خلال اقرار الموازنة او عبر صياغة قانون ضرائب جديد يراعي الثغرات التي سطّرها المجلس الدستوري، حيث ان وزير المالية اعلن انه أنجز التعديلات المتعلقة بالضرائب التي أشار اليها قرار المجلس الدستوري تمهيداً لإقرارها وفق الاصول.

وفيما يبلغ معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في لبنان 148 بالمئة، وعجز الموازنة 4.9 مليار دولار، لن تستطيع الحكومة العدول عن السلة الضريبية التي ستدرّ إيرادات قدرها 1.1 مليار دولار من اجل تمويل سلسلة الرتب والرواتب المقدّرة بـ 917 مليون دولار سنوياً، وإلا ستواجه خللا في التوازن المالي ومزيدا من الارتفاع في الدين العام مما قد يشكل خطرا على تصنيف لبنان الائتماني.

وفق هذه المعطيات، تتجه الحكومة الى تعديل الضرائب وتصحيح النقاط التى أثارها المجلس، لأنه السبيل الوحيد لدفع زيادة الاجور، أي انها، وفقا لاحد المسؤولين، «ستعيد إقرار الضرائب نفسها مع إجراء عملية تجميلية في الصياغة».

في هذا الاطار، يجمع الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية على ضرورة دفع السلسلة وعلى وجوب اقرار الضرائب، إلا ان طرفي الانتاج يختلفان على نوعية الضرائب التي يجب اقرارها.

وتعمل الهيئات الاقتصادية على تقديم ورقة تتضمن اقتراحات لموارد تغطي كلفة سلسلة الرتب والرواتب.

ورأى رئيس الجمعية اللبنانية لتراخيص الإمتياز شارل عربيد لـ«الجمهورية» ان لا احد من المواطنين أكان من ارباب العمل او العمال، يؤيد اقرار ضرائب جديدة بالمطلق، «لان اي ضريبة بشكل مباشر او غير مباشر ستؤدي الى انكماش في مكان ما، أو الى ارتفاع الاسعار». لكنه اشار الى ان الجميع في مأزق اليوم، ويجب ان نجد وسيلة للخروج من هذا الواقع.

أضاف: المشرّع هو من يقرّ الضرائب وليس المكلَّف، لأن الاخير يفضل عدم فرض المزيد من الاعباء عليه، خصوصاً انه يرزح اليوم تحت اعباء اقتصادية داخلياً وخارجياً.

ودعا عربيد للاستفادة من هذا المأزق «الذي وصلنا اليه من اجل ايجاد الحلول، بعيداً من التقنية الحالية المتّبعة والمتعلّقة بالضرائب.
يجب التفكير في تحفيز النمو وتكبير حجم الاقتصاد من اجل رفع الايرادات الضريبية».

وأكد عربيد انه من المتحمسين جدّاً لمحاصرة الهدر في الموازنة، مما يؤمن ايرادات كافية لتمويل السلسلة وغيرها، لكنه عبرّ عن اعتقاده بأن معظم الضرائب سيعاد طرحها بصيغة مصحّحة، «مما سيعيدنا الى نقطة الصفر، لأن الوضع المالي والاقتصادي يحتاج الى سياسات أبعد وأعمق من موضوع الضرائب».

وتخوّف عربيد من ان تجتاز الحكومة هذا «القطوع» بفذلكة او هندسة معيّنة من دون الاستفادة من المأزق التي اوقعت نفسها فيه، ومن دون ان تجد حلولا أبعد لانقاذ الاقتصاد «لأن الاستحقاق اليوم مرتبط بالسلسلة والضرائب، لكن المستقبل يحمل استحقاقات عديدة من نوع آخر، في حين ان الوضع الاقتصادي مترنّح وصعب».

في المقابل، أكد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر على مسؤولية الحكومة في إيجاد مخارجها لمشاكلها المالية من دون المساس بالفئات الشعبية التي طالب بإلغاء جميع الضرائب التي طالتها في المشروع السابق بما فيها ضريبة القيمة المضافة.

وقال لـ«الجمهورية» ان الاتحاد العمالي يؤيد فرض الضرائب على الفئات المقتدرة وعلى الريوع الكبيرة من مصارف وشركات مالية وعقارية ورؤوس الاموال التي سطت على الأملاك البحرية والنهرية.

ورفض الاسمر رفضاّ قاطعاً ما يتم اقتراحه حالياً حول رفع الضريبة على القيمة المضافة الى 12 في المئة، معتبرا ان النقاش حول الضرائب اليوم هو تهرّب من دفع السلسلة هذا الشهر.

واعلن ان الاتحاد العمالي سيمهل الحكومة 3 ايام من اجل دفع الرواتب الجديدة، وانه بعد ذلك سيدخل في الحوار القائم حول اي قانون ضرائب يطال الطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود.