IMLebanon

لكل انتخابات نيابيّة شعاراتها السياسيّة فأي شعار يتّفق عليه “التحالف المسيحي”؟

إذا كانت لوائح الانتخابات البلدية والاختيارية اختلط فيها حابل الأحزاب بنابل العائلات وكان التنافس على المشاريع الإنمائية، فإن لوائح الانتخابات النيابيّة قد لا تسمح بذلك لأن الخلاف عند تأليفها هو على مشاريع سياسية، خصوصاً إذا ظل الصراع على أشدّه في المنطقة بين المحور الإيراني ومن معه والمحور السعودي ومن معه.

إن الانتخابات النيابية في لبنان، كما في كل دولة، تخاض على أساس مشاريع سياسيّة داخلية وخارجية. فانتخابات 1943 تواجهت اللوائح فيها بين من يريد الاستقلال للبنان شرط أن تحميه معاهدة تعقد بين لبنان وفرنسا، ومن يرفض عقد مثل هذه المعاهدة ليكون الاستقلال تاماً ناجزاً. وجرت انتخابات 1947 على أساس لوائح تدعو إلى التجديد للرئيس الشيخ بشارة الخوري، ولوائح ترفض ذلك، فجاءت نتائجها مزوّرة لمصلحة التجديد، وجاء الرد عليها بعد مرور فترة بـ”ثورة بيضاء” أطاحت العهد المجدَّد له. وتوالت الانتخابات النيابية وكانت بين خطّين أو مشروعين سياسيّين تتنافس فيها اللوائح بين من تدين بالولاء للمد الناصري في لبنان ولوائح تناهضه، وانتخابات تتنافس فيها لوائح تؤيّد الوصاية السورية على لبنان ولوائح ترفض هذه الوصاية، وانتخابات تؤيّد لوائح بقاء الوصاية السورية ولوائح ترفض بقاءها. وجرت انتخابات ما بعد انتهاء الوصاية السورية بين لوائح تدعو الى إقامة الدولة القوية القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل أراضيها فلا تكون دولة سواها ولا سلاح غير سلاحها، ولوائح من بقايا الوصاية السورية تؤيد وجود سلاح خارج الدولة ما دام الخطر الاسرائيلي يهدّد لبنان وما دامت أراضٍ لبنانية لا تزال تحتلها اسرائيل كون الجيش اللبناني لا يستطيع وحده التصدّي وإزالة الاحتلال…

ويواجه لبنان في الانتخابات النيابية المقبلة تنافساً بين لوائح تؤيّد المحور الإيراني ومن معه، ولوائح تقف ضد هذا المحور، وهذا يفرض على الأحزاب تحديد موقفها من السياسة الإيرانية في لبنان ومن سلاح “حزب الله” وكل سلاح خارج الدولة، ومن سياسة تحييد لبنان عن صراعات المحاور الإقليمية والدولية لأنها السياسة التي تضمن الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي الدائم والثابت فيه.

لذلك لا يمكن تأليف لوائح الانتخابات النيابية إلا من أحزاب وشخصيات لها موقف سياسي واحد، وليس كما في الانتخابات البلدية التي جمعت أحزاباً متعارضة في مواقفها من السياسة الداخلية والخارجية، فكان أن تحالفت أحزاب في بلدات وتنافست في بلدات أخرى، وهو ما لا يصح في الانتخابات النيابية التي ينبثق منها مجلس نيابي له مهمّات كبرى تتصل بمصلحة لبنان إن لم يكن بمصيره وهويته.

لذا مطلوب من “التيار الوطني الحر” تحديد موقفه بصراحة ووضوح كي يستمر تحالفه مع “القوات اللبنانية” بالإجابة عن الآتي: هل هو مع سياسة “حزب الله” الموالية لإيران؟ هل هو مع سياسة المقاومة التي تصر على الاحتفاظ بسلاحها بذريعة التصدّي للخطر الاسرائيلي، وهذا لا وجود له في أي دولة تحافظ على سلطتها، والتصدّي أيضاً للخطر التكفيري المستجد، وهذا ما جعل “حزب الله” يصوّت في الانتخابات البلدية والاختيارية لحليفه “التيار الوطني الحر” فقط ولا يصوّت لحلفائه وتحديداً “القوات اللبانية” لأنها خصم سياسي، وقد أعلن السيد حسن نصرالله ذلك بصراحة بقوله لعون: “لسنا ملزمين بمن تتحالفون معهم”، وهذا موقف لا يصح القبول به في الانتخابات النيابية كما صار القبول به في الانتخابات البلدية التي ليس لمجالسها دور كدور مجلس النواب الذي ينبثق من الانتخابات المقبلة وله دور مهم في دعم سياسة اقامة الدولة القوية التي لم تعمّ منذ العام 2005 الى اليوم بسبب وجود سلاح خارجها، وهو تحديداً سلاح “حزب الله” الذي يشارك السلطة في القرار إذا صار اتفاق عليه، وينفرد باتخاذه عندما لا يكون اتفاق، أي أن “حزب الله” يمارس سياسة “الشريك المضارب” في السلطة بمعنى أن ما له له وحده وما ليس له هو شريك فيه. فأي قرار سيتخذه “التيار الوطني الحر” في الانتخابات النيابية المقبلة ليصير في الامكان تأليف لوائح مشتركة مع “القوات اللبنانية” ويكون لها برنامج واحد تخوض الانتخابات على أساسه؟ وهل يلتزم “التيار الحر” ورقة “اعلان النيات” أم ورقة “التفاهم” مع “حزب الله” لأنه لا يستطيع الجمع بينهما في الانتخابات النيابية كما فعل في الانتخابات البلدية والاختيارية إلا إذا تحقّق التقارب بين السعودية وإيران قبل موعد الانتخابات النيابية وانتهى الصراع بين المحاور، وهو ما يعيد خلط الأوراق ويغيّر شكل التحالفات.