Site icon IMLebanon

هل تحلّ الانتخابات النيابيّة المبكرة الأزمة الرئاسيّة؟ 

 

كان نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب اول من طرح قبل فترة الانتخابات النيابية المبكرة حلا للازمة الرئاسية المتواصلة. بعده تبنى اكثر من مسؤول سياسي الطرح لاعتبارهم ان التوازنات البرلمانية الحالية هي العقدة الاساس التي تمنع تقدم الامور رئاسيا وان المجلس النيابي الذي انتهت اليه الانتخابات النيابية الاخيرة أنتج معادلات جديدة يصعب خرقها وفق الاصطفافات السياسية الراهنة التي لا تبدو انه يمكن ان تتغير في المدى المنظور.

 

وطالما بو صعب هو الذي خرج بالطرح، يُرجح انه يحظى بدعم رئيس المجلس نبيه بري وبالتالي حزب الله ايضا. بالمقابل، لا يبدو ان المسيحيين وبخاصة حزب “القوات اللبنانية” بصدد المجازفة بالسير بمخرج مماثل للازمة. اولا لان النتائج التي حققها في الانتخابات الاخيرة افضل ما حققه طوال سنوات العمل السياسي، وهو لن يجازف بخوض المعركة من جديد حتى ولو كان، كما تؤكد مصادره، مقتنع بقدرته على تحقيق نتائج افضل بعد وزيادة عدد نوابه خاصة ضم مقاعد عدد من نواب “التغيير” الحاليين لمقاعده. اذ تشير المصادر في حديث لـ “الديار”ان “زمن التغييريين انتهى وان المقاعد ستعوض للاحزاب مع انكفاء الحالة التغييرية”.

 

وتتحدث مصادر “القوات”عن مستر دستوري يفترض الالتزام به كفيل بحل الأزمة الرئاسية، مشددة على اننا لم نصل الى حائط مسدود لنطالب بانتخابات مبكرة.. بنهاية المطاف هناك نصوص دستورية واضحة تفرض على رئيس المجلس النيابي فتح ابواب البرلمان حصرا لانتخاب رئيس.. وهو يعي ان الدورات المفتوحة ستوصل عاجلا ام آجلا لفوز مرشح معين. لكنه ولانه يعلم تماما انه لن يكون مرشحه، فهو لا يجازف بالتقيد بنصوص الدستور!”، مضيفة: “كما اننا واذا وافقنا على الانتخابات المبكرة نكون نعطي شرعية لمطالبة اي فريق بهكذا انتخابات في حال استشعر انه مأزوم سياسيا وبالتالي ضربنا الدستور عرض الحائط. هذا ما رفضناه حين اقترحوا طاولة الحوار مخرجا للازمة الرئاسية وما سنرفضه في حال اقترحوا الانتخابات المبكرة”.

 

من جهته، لا يبدو ان “التيار الوطني الحر”كوّن موقفا نهائيا مرتبطا بطرح الانتخابات المبكرة، مع ترجيح عدم حماسته لمخرج مماثل. فقيادة التيار لا تزال تعمل على رص صفوفها واعادة تنظيمها كما على نسج تحالفاتها بعد انتكاسات كبرى اصابتها خلال عهد رئيس الجمهورية السابق ميشال عون وبعده.. لذلك تفضل ان تحصل الانتخابات في موعدها، كي لا تكون هي على موعد مع انتكاسة جديدة خاصة في ظل العلاقة المضطربة مع معظم القوى السياسية وبالتحديد مع حزب الله الذي يشكل رافعة اساسية انتخابية للتيار في اكثر من منطقة.

 

اما الحزب “التقدمي الاشتراكي” فهو قد لا يمانع طرح الانتخابات المبكرة في حال قرر الرئيس بري بذل جهد لاقناع حليفه الاستراتيجي وليد جنبلاط به. وان كان يصر على ان مخرجا مماثلا لا يمكن السير به اطلاقا بغياب اجماع وطني حوله، وهو اجماع مفقود تماما راهنا.

 

وكما جنبلاط، كذلك القوى السنية. هي لا تضع فيتو على الطرح، لكنها غير متحمسة له، رغم قناعتها ان الحالة السنية ستبقى على ما هي عليه طالما الانكفاء الحريريّ متواصل.

 

وافترضنا ان معظم القوى وافقت على هذا الطرح وجرت الانتخابات المبكرة، ففي افضل الاحوال، وفي ظل الاصطفاف الحاصل رئاسيا سيحصل احد الفريقين (الفريق الداعم لفرنجية والفريق الداعم لازعور) على ما بين 5 او 10 أصوات اضافية، من التغييريين والمستقلين، لكنه حتى ولو أمّن 65 صوتا في الجيبة، لن يؤمن نصاب الـ 86. كما ان فريق “الثنائي الشيعي”لن يؤمن الغطاء المسيحي الكبير المطلوب لمرشحه ولا تقاطع المعارضة- الوطني الحر سيؤمن الغطاء الشيعي لمرشحه طالما كل النواب الشيعة سيبقون بصبون مع حزب الله وحركة “أمل”.

 

ونتيجة كل ما سبق، يمكن الوصول الى قناعة ان المشكلة ليست بالتوازنات البرلمانية انما بالاصطفافات السياسية الراهنة. وبالتالي الانتخابات النيابية المبكرة لن تحل الازمة انما ستكون بمثابة دوران في حلقة مفرغة باعتبار ان الاستحقاق الرئاسي لن ينجز الا في حالتين: قرار جبران باسيل تغطية انتخاب فرنجية مقابل مكاسب كبرى او تفاهم اقليمي دولي كبير يؤدي لتراجع حزب الله عن فرنجية والسير بمرشح توافقي مقابل مكاسب كبرى للحزب وحلفائه في المنطقة!