IMLebanon

لبنان على حافة كارثة جيولوجية!

 

 

في خضم التصعيد العسكري والقصف الإسرائيلي المتواصل على لبنان، لم تعد أصوات الانفجارات المدوّية هي الخطر الوحيد الذي يرهق أعصاب اللبنانيين. اليوم، برز تهديد جديد يفوق كل التوقعات: “تأثير هذه الغارات العنيفة على الفوالق الزلزالية في المنطقة”. إذ تستطيع القنابل الخارقة للتحصينات اختراق الأرض بعمق يصل إلى 20 متراً، ما قد يُحدث تغييرات جيولوجية خطرة تزيد من احتمالية وقوع زلازل كارثية تهدّد حياة الآلاف.

 

 

 

خلال الحرب العالمية الثانية، تسبّب القصف المكثّف على لندن وهيروشيما في حدوث اهتزازات كبيرة أثّرت بشكل ملحوظ على البنية التحتية، رغم أنها لم تكن بقوة زلزال حقيقي. هذه الأمثلة التاريخية تسلّط الضوء على كيفية تأثير التفجيرات البشرية على الأرض والبيئة، مشيرة إلى مخاطر مشابهة قد يواجهها لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي المستمر.

 

 

 

الزلازل الناتجة عن الأنشطة البشرية

 

وفي 25 أيار 2009، أعلنت كوريا الشمالية أنها اختبرت مكوّناً نووياً ثانياً، ما أدى إلى ظهور موجات زلزالية رصدتها محطات الزلازل حول العالم خلال دقائق. هذه الحوادث تبرز كيف يمكن للأنشطة البشرية أن تحفّز الزلازل، ما يثير تساؤلات جديّة حول تأثير القصف الإسرائيلي على الفوالق الزلزالية في لبنان.

 

 

 

تحذيرات الخبراء

 

قبل أن يغوص الباحث والأستاذ المحاضر في الجيولوجيا وعلم الزلازل في الجامعة الأميركيّة في بيروت الدكتور طوني نمر، في تأثيرات التفجيرات الإسرائيلية الضخمة التي قد تؤدي إلى احتثاث الزلازل، يوضح أولاً أهمية أن نعرف بوجود أنواع كثيرة من الهزات الأرضية الناجمة عن الأنشطة البشرية (Human induced earthquakes) التي أدّت إلى تحفيز الزلازل أو الضغط على حركة الفوالق في دول عديدة حول العالم. هذه الأعمال البشرية أدّت إلى توثيق أكثر من 1315 حالة حول العالم من سنة 1868 حتى الآن والتي أدّت إلى إحداث هزات أرضية.

 

 

 

وهنا يؤكد نمر لـ”نداء الوطن” أنّ القصف العنيف على ضاحية بيروت سبّب الاهتزازات التي يشعر بها المواطنون، موضحاً أن “القنابل المخترقة للتحصينات تولّد ارتجاجات عنيفة تشبه تلك الناتجة عن الموجات الزلزالية، وتبدأ بالتلاشي داخل الأرض وعلى سطحها”، هذه الارتجاجات قد تخفّ مع البعد عن موقع التفجير، ما يقلّل من تأثيرها على حركة الفوالق.

 

 

 

الفوالق الزلزالية: كيف تتحرّك؟

 

لفهم مخاطر هذا التهديد، يجب أن نعرف أن حركة الفوالق قد تبدأ من سطح الأرض وتمتد أفقياً أو عمودياً، مثل لوح زجاج يتكسّر عند ضربه بمطرقة. حركة الفالق متغيّرة، يمكن أن تبدأ من أي نقطة على سطح الأرض. ويشير نمر إلى أن استهداف فالق اليمونة، أقرب فالق زلزالي على الضاحية الجنوبية، قد يؤدي إلى احتمال حدوث زلزال إذا كان القصف مستمراً وبزخم كبير، وهو احتمال ضئيل إلى شبه معدوم.

 

 

 

وانطلاقاً من هذا الواقع، يؤكد نمر بشدة على ضرورة تجنّب تحريك الفوالق الجيولوجية في لبنان، وينبّه إلى خطورة إجراء التفجيرات الضخمة بالقرب منها، فالعبث بالقوى الطبيعية لا يقل عن تعريض البلاد لتهديدات كارثية لا يمكن التنبؤ بعواقبها.

 

 

 

حادثة العديسة: إنذار خطير

 

منذ نحو ثلاثة أسابيع، شهدت منطقة العديسة تفجيرات مهولة استخدمت فيها نحو 400 طن من المتفجرات من قبل الجيش الإسرائيلي، ما أدى إلى تفعيل أجهزة رصد الزلازل في “الشمال الإسرائيلي”. وأوضح نمر أن “الناس في شمال إسرائيل شعروا بهزة أرضية نتيجة التفجيرات”، حيث رصدتها مراكز ألمانية وتركية وأطلقت صفارات الإنذار في شمال إسرائيل، وسجّلت الهزة على عمق 8 كيلومترات.

 

 

 

هذه الواقعة تسلّط الضوء على خطورة تكرار التفجيرات بالقرب من الفوالق. فالتفجيرات في العديسة أثارت هزة على بعد 9 كيلومترات من جهة الغرب وليس الشرق، وإذا كان الاتجاه شرقاً، لكان الخطر أكبر بسبب قرب الفوالق الزلزالية. وذكر نمر زلزال تركيا في العام الماضي، حيث بدأت الحركة بنقطة واحدة على فالق بطول 350 كيلومتراً وتمدّدت شمالاً وجنوباً.

 

 

 

من المهم أن نفهم أن الفالق لا يتحرك بالضرورة من باطن الأرض، إذ يمكن أن تبدأ الحركة من على وجه الأرض وتمتدّ عبر الفالق أفقياً ونزولاً، ويوضح نمر لـ “نداء الوطن” هذه الفكرة بمثال عملي: لدينا لوح زجاج (مترين بمترين) وقمت بضربه بمطرقة، فأينما كان المكان الذي أضربه فيه سيؤدي إلى كسره وتمدّد الكسر على لوح الزجاج حسب قوة الضربة.