أن تبلغ «حمّى المونديال» سقوط قتيل طعناً في خلاف حاد بين مشجعي البرازيل والمانيا، فهذا ليس مألوفاً عندنا في لبنان، وإن كان حدث مثيل له، غير مرة، في بلدان عديدة من العالم. ولعلّ الذروة التي بلغتها الخلافات حول «الكرة المستديرة»، هو ما حدث بين دولتين جارتين في القارة الأميركية وأدى الى نشوب حرب حقيقية بين البلدين تواجه فيها الجيشان بالمشاة والدبّابات والمدفعية الخ…
صحيح أنه ليس حادثاً فريداً في العالم. ولكنه حادث فريد ومؤلم في لبنان… فالشاب العشريني الذي وقع قتيلاً بسبب طعنه بنصل سكين حاد يترك جرحاً بليغاً لن يلتئم بفوز البرازيل ولا بخسارة ألمانيا، ولا بمن يصل الى الربع فالنصف فالنهائي. إنها فجيعة لأهل هذا الشاب ولأقربائه ولأترابه. وهي الى ذلك، دليل على الإنحدار الكبير في سلم القيم والأخلاق، وأيضاً على إنفلات أمني غير مسبوق.
صحيح أن الأمن الوطني قائم ومستتب بفضل التدابير والخطط التي نفذت وتنفذ في مختلف الأنحاء اللبنانية… ولعلّ أبرزها خطة طرابلس سابقاً، وخطة بعلبك – البقاع حالياً، وخطة سجن رومية بينهما…
وصحيح أن الأمن مصان جرّاء يقظة الجيش والقوى والأجهزة الأمنية… وربّـما أفضل من كثير من بلدان العالم، وبالتأكيد أفضل من بلدان الجوار والمنطقة قاطبة…
ولكن لنعترف بمسؤولية وبمحبّة أن الأمن على الصعيد الفردي ليس على ما يرام.
فكم مرة وُجد هذا وذاك وذلك قتلى داخل سياراتهم؟!.
وكم مرة وُجد قتيل هنا وقتيلة هناك وسواهما (…) في منازلهم، طعناً أو خنقاً أو صرعى الرصاص؟!.
وكم من ضحية سقطت جرّاء رصاص الإبتهاج… و«بلا زغرة» الإبتهاج بالفوز بالشهادة المتوسطة؟!.
وكم من قتيل وجريح سقطوا جراء الخلاف على أفضلية المرور؟!.
وكم… وكم… وكم…
إنها حال تشير الى إثنين: الأول سلاح الجريمة الفردية منتشر في أيدي الناس من دون أي حسيب أو رقيب. والثاني أن العقل اللبناني بدأ يستسهل القتل ربما لأن الأخلاق إنحدرت أو الأوضاع الإجتماعية الضاغطة (خصوصاً البطالة) تولّد حالات نفسية معيّنة.
ويجب ألاّ ننسى تداعيات أزمة النزوح! ألا نذكر جريمة مزيارة في الأسرة الثرية التي أمّنت نارحاً على أمنها وأموالها، وأطلقت عليه تسمية «إبن البيت». فما كان منه سوى أن استفرد إبنة الأسرة (التي كانت على موعد مع خطيبها وعرسها خلال أيام) فكبّلها ثم اعتدى عليها إغتصاباً، ومن ثم قتلها وسرق الثمين من الحلي وما تيّسر له من السلع؟!.
وتلك عينة بسيطة كي لا ننسى كذلك مئات الأطفال حديثي الولادة الملقى بهم على قارعات الطرق أو في صناديق النفايات والعياذ باللّه أو المقتولين!.