لن تسقط حكومة حسان دياب ما لم يُقرّر راعيها الأول إسقاطها. والراعي الأوّل هو “حزب الله” الذي ربّما كان يُفضّل تشكيلة أُخرى برئاسة مختلفة، لكنهّ وصل مُضطرّاً الى خيار دياب بحكومته الراهنة مع حلفاءٍ إختبرهم طويلاً في إطار تحالف “8 آذار”.
ومع دياب وحكومته تفاقمت الأزمات على الصُعُد كافة، ولم يتحقّق أي وعد بالتغيير والإصلاح. ولا يزال اللبنانيون، ومعهم الدول المهتمّة بمصيرهم، ينتظرون سلّةً من التغييرات البديهية في مجالات الإدارة والطاقة والجمارك والتهريب، ولا يجدون في المقابل سوى الغياب التامّ عن هذه القضايا، يرافقه انهيارٌ شامل في الظروف الحياتية، وسِباقٌ تخوضه العملة الوطنية لتلحق بعملات الدول المجاورة من سوريا الى ايران.
كانت سلّة الإصلاحات البديهية ولا تزال، شرطاً لخوض نقاش مُفيد ومُنتج مع المؤسسات الدولية وعلى رأسها صندوق النقد، ومع الدول الداعمة والمانحة في إطار مؤتمر “سيدر”، والإمتناع عن مُقاربة هذه السلّة الإصلاحية، أوقع الحكومة في حالة شلل مقصود، وفِي فراغ حاول رُعاتها وأركانها، ملأه بالهجوم على الديبلوماسيين الأجانب، والمقصود منهم مُمثّلو أميركا والسعودية تحديداً، وربّما ينضم الى اللائحة في الساعات المقبلة السيد كوبيتش، مُمثّل الأمين العام للأمم المتّحدة، بعد تغريدته الإنتقادية الصريحة أمس.
يُمكن إعتبار الهجوم على الديبلوماسيين بلسان دياب نفسه، فاتحة انتقال الحكومة من حال العجز والمراوحة الى تبنّي “الخيارات الشرقية” التي يُروّج لها أنصار ايران والنظام السوري. وكان الأمر يحتاج الى تخويف دياب من “راجحٍ” ما. تحرّك أنصار النظام تهويلاً على دياب، وبدأ ايلي الفرزلي تحرّكاً أوحى خلاله باقتراب التغيير الحكومي، فخشي البروفسور على موقعه، وهو يعرف كما غيره انّ الفرزلي الخبير في التشكيلات، لا يقطع خيطاً من دون اتصالٍ دمشقي، وتوجيهات من قصر المهاجرين.
الشعرة التي قصمت ظهر الخيارات جاء بها الفرزلي، فاندفعت الحكومة، التي التقطت مغزى تهويله بالتغيير، شرقاً بعزم وقوة. حوارٌ مع الصينيين، وآخر مع وفد عراقي، فيما دخلت سجائر “ماهان” الإيرانية السوق، بمواكبة أدوية أثارت الجدل.
الحكومة الآن تقوم بما جاءت من أجله من إلتزام بمقتضيات “المقاومة والممانعة”، بعد تردّد بقايا خلايا التكنوقراط فيها. ولن يمرّ وقت طويل قبل أن نكتشف نتائج جهودها الإنقاذية. وفي الأثناء، على اللبنانيين التحلّي بمزيد من الصبر… والإيمان بها.