IMLebanon

هذه هي القرارات الاقتصادية المصيرية للحكومة

 

 

على أكثر من جبهة تعمل خلية الأزمة الاقتصادية بين بعبدا وعين التينة والسراي الحكومي. أفكار واقتراحات للبحث لم يحسم أمر أحدها بعد. غير أن لبنان مقبل خلال أيام قليلة على قرارات مصيرية في ما يتعلق بأزمته المالية والاقتصادية. ومن المتوقع أن يشهد الأسبوع الأول من الشهر اجتماعاً للحكومة بعد أن تكون قد حسمت قرارها بإعادة جدولة الديون في ما يتعلق بسندات اليوروبوند، وانتهت إلى اختيار المكتب الاستشاري الدولي الذي سيكلف تقديم اقتراحات عملية للخروج من الأزمة.

 

كل الاتصالات والاجتماعات الحاصلة تشير إلى صدق النوايا في المعالجة مع مفارقة أن العمل هذه المرة ليس محصوراً بفريق سياسي من دون آخر. إذ إنّ الورشة الحاصلة لا تجرى بعيداً من دعم رئيس الحكومة السابق سعد الحريري كما رئيس “القوات اللبنانية” والرئيس فؤاد السنيورة. وقد لا يكون الأمر معلناً، لكن تكفي الاشارات التي يعطيها هذا الطرف أو ذاك كمؤشر على المساهمة في الحل أو إعطاء الفرصة للحكومة كي تخرج بحلول ممكنة. يقول مصدر معني بالبحث الاقتصادي الجاري إن المساعي التي يبذلها رئيس الحكومة من شأنها أن تخفف من سرعة الانهيار.

 

وعلى أكثر من مستوى، يجرى العمل على ابتداع حلول. يواصل رئيس الحكومة بالتعاون مع وزير المال غازي وزني ومستشارين اقتصاديين دراسة التفاصيل لناحية المكاتب الاستشارية التي يمكن التفاوض معها استباقاً لجلسة مقبلة لمجلس الوزراء سيصار خلالها إلى تكليف المكتب الدولي الذي ستكون رست عليه المناقصة.ِ

 

يتم حالياً درس أسماء المكاتب وتكاليف بدل الاستشارة ومن الأسماء التي سيتم التعاون معها وزير العمل السابق كميل أبو سليمان الذي سيُكلف بالبحث في اسماء الشركات الممكن التفاوض معها، خصوصاً أنه يملك مكتباً استشارياً من كبرى المكاتب في العالم وصاحب خبرة يمكن الاستفادة منها في هذا المجال وليس بعيداً أن يتولى أبو سليمان التفاوض مع الدائنيين.

 

يبدي رئيس الحكومة انفتاحاً على كل الافكار التي تقدم له بخصوص الحل وهو دعا كل من لديه فكرة التقدم لمناقشتها. في المقابل يتم التداول باقتراح تقدم به النائب ميشال ضاهر بأن يدفع لبنان الى الدائنين بحسب نسبة صادراتنا. وتقول المعلومات إن لبنان يتجه نحو إعادة جدولة الديون مع خفض الفائدة، وربط دفع الفائدة بالصادرات. بحيث كلما زادت صادراتنا ستزيد قدرتنا على دفع الفائدة.

 

تعاون الرؤساء

 

عملياً يجري العمل بجهد مشترك وتعاون بين رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب الذي يتولى ادارة المطبخ من ناحية السعي إلى تأمين الغطاء السياسي والوطني للاقتراح المطروح. وما يعزز امكانية التوافق بشأنه التسريب الذي حصل بالامس ويتعلق بلائحة المصارف التي تبيع اليوروبوند، وأولها بنك بيروت الذي يملكه رئيس جمعية المصارف سليم صفير، ولم تتضمن اللائحة مصارف الحريري ما يعني ان رئيس الحكومة السابق وفي حال لم تدفع الدولة بدل سندات اليوروبوند فلن يكون المتضرر الوحيد طالما ان الضرر سيصيب كل المصارف، وبالتالي لن يخوض معركة حماية لصفير.

 

وسيطلق لبنان التفاوض مع الدائنين خلال الايام القليلة المقبلة، وسيكون منطلق التفاوض بين الامتناع عن الدفع لعدم توافر المال او التفاوض بشأن الدفع لنصل الى حلول مشتركة.

 

واذا كان قرار الجدولة يعارض توجهات حاكم مصرف لبنان بالدفع فإنّ ثمة حرصاً على عدم احراج الحاكم اذ ليس المطلوب التصويب عليه ولا التعاطي معه على انه انكسر لأن المرحلة ودقتها لا تحتمل تسجيل نقاط الربح والخسارة لمصلحة طرف في مواجهة طرف آخر. يصر رئيس الحكومة على منع التراشق وتبادل الاتهامات على قاعدة حل المشاكل بعيداً من تصفية الحسابات، وهو لذلك يتجه الى التعاون مع أبو سليمان الذي عقد سلسلة اجتماعات معه بهذا الخصوص ويميل الى ترجيح كفة اقتراحاته.

 

الصندوق السيادي

 

ومن الأفكار المتداولة أيضاً على سبيل الحل، إنشاء صندوق سيادي مخصص للمؤسسات الوطنية التي لا تزال منتجة في لبنان ومن بينها كازينو لبنان والميدل ايست والمرفأ والمطار وغيرها، بحيث يفتح المجال امام المستثمرين اللبنانيين وغيرهم للاستثمار في هذه المؤسسات.

 

وفي ما يتعلق بطلب الاستشارة من صندوق النقد الدولي فالتوجه من قبل الرؤساء الثلاثة لغاية اليوم يقضي بعدم الاستدانة او جعل الاستدانة بمثابة الورقة الاخيرة التي سيلعبها لبنان، ذلك ان الوضع المالي للدولة قادر على الاستمرار لعام اضافي وبالتالي اذا لم يحصل اي تحسن ايجابي يمكن حينذاك اللجوء الى الاستدانة. وتشير المعلومات الى أن دياب طلب استشارة من البنك الدولي ويريد الوقوف على رأيه بالحلول الممكنة، شرط الا يكون ذلك ملزماً بأي تقديمات بالمقابل.

 

وتشير مصادر اقتصادية إلى أن لبنان يمكن أن يستفيد من المبالغ المالية المرصودة له بدل تنفيذ مشاريع وتُقدر قيمتها بما يتراوح بين 400 إلى 500 مليون دولار فيمكن اتباع خطوات معينة لصرفها. يرفض دياب رفضاً مطلقاً فرض أي ضرائب على المواطنين واضعاً هذا الطرح على أنه أبعد الاحتمالات.

 

التحرك قضائي

 

وثمة اجماع على اتفاق آخر وهو ان الموضوع المالي والفلتان المتعلق بالأسعار وسعر صرف الدولار لدى الصرافين يمسّ بهيبة الدولة. وسيكون الى جانب رئيس الحكومة ذراعان قضائيان هما مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات والمدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم حيث تم الطلب الى الأخير تكثيف الضغط القانوني بموضوع ملاحقة الصيارفة لضبط سعر صرف الدولار وقد تحرك القاضي ابراهيم في هذا الاتجاه، في حين سأل القاضي عويدات عن الملفات التي ينظر فيها وامكانية التحرك بشأنها، كما أن خلفيات مثل هذه الخطوة تعني ان ثمة قراراً سياسياً بالتعاون بين القوى السياسية، يدخل ضمنه الحريري حكماً.استياء حاكم مصرف لبنان

 

نقطة أخرى يجري العمل عليها هي التعاون مع حاكم مصرف لبنان الذي عبّر عن استيائه من الهجمات التي يتعرض لها، ولا سيما من “التيار الوطني الحر” الذي يتحضر للتحرك أمام المصرف المركزي اليوم، وتجري اتصالات بعيدة من الإعلام يقودها وسطاء من الطرفين لتهدئة الأجواء، وقد عقد في هذا الاطار اجتماع ثنائي على هامش لجنة المال والموازنة بين سلامة ورئيس اللجنة ابراهيم كنعان. وحسب المعلومات فإنّ الاتصالات نجحت حتى ليل أمس في إطار تركيز نشاط “التيار الوطني” على استعادة الأموال المهربة وليس المطالبة بتغيير الحاكم.