IMLebanon

“طُويت صفحة الإستحقاق النيابي فماذا بعد؟”

 

 

طُويت صفحة الإستحقاق النيابي، وانتهى مهرجان الوعود الوهميّ والشعارات الشعبوية. يتقبّل الرابحون التهاني والخاسرون التعازي، لكن ماذا عن المستقبل الإقتصادي، الإجتماعي، المالي والنقدي؟ وماذا عن مصير الإقتصاد اللبناني المهترئ؟

هل ُيدرك الفائزون أنهم وصلوا على متن باخرة قيد الغرق؟ هل يُدرك المحتفلون أنهم يجلسون على مقاعد تقف على رجل واحدة وهمية، يُمكن أن تقع وتتحطّم هذه الكراسي في أي وقت كان؟

 

بعد انتهاء صلاحية الإتفاق السياسي حول شبه استقرار «منصة صيرفة»، هل ستُتابع هذه الصفقة على المدى المتوسط؟ هل هناك سيولة بالعملات الصعبة للحفاظ على هذا الشبه التوازن المالي والنقدي الوهمي؟ وماذا عن السيولة بالليرة اللبنانية، إذا تواصل سحبها من السوق؟ فهل سيتعايش اللبنانيون ويدفعون كلفتهم الثابتة؟ وإذا ضُخّت من جديد عشوائياً ماذا عن التضخم المفرط؟

 

الحقيقة المرّة، هي أن فريق المشرّع الجديد، لا يملك أي سيولة، وأي قوة مالية ونقدية حقيقية، يُمكن أن تُخطف صلاحياته في أي وقت، ويُجمّد أداؤه لأي خلاف سياسي. أما الإصلاحات الموعودة، فستحتاج إلى سلطة تمثيلية فاعلة، وليست بحكومة تصريف أعمال بصلاحيات ضئيلة. سنتوقع بعد أشهر عدة من الجمود والتجاذب، حتى الوصول إلى الإستحقاقات الجديدة الرئاسية وحتى البلدية.

 

السؤال الأساسي الثاني هو كيف ستُموّل «كهرباء لبنان»، والإتصالات والوزارات؟ كلنا نُدرك تماماً أن الدولة لا تملك السيولة لدفع مستحقاتها وإلتزاماتها المالية، وتأمين الحد الأدنى من الصيانة والمواد التشغيلية البديهية.

 

وكيف يُمكن للإقتصاد والقطاع الخاص وحتى القطاع العام، أن يُكمل مسيرته والحفاظ على ما تبقى من الدورة الإقتصادية من دون قرار ولا تنفيذ ولا ملاحقة. إننا نتخوّف من أنه بعد هذا الإستحقاق النيابي أن تكون الأولوية الجديدة هي الإنتخابات المقبلة، وأن يُوضع الملف الإقتصادي والإجتماعي والمالي والنقدي في «جوارير» ودهاليز ومدافن السياسة.

 

أما وعود صندوق النقد الدولي، نُذكّر ونشدّد على أنه حتى الثلاثة مليارات الخجولة، الموعودة لأربع سنوات مقبلة، لن يُضخ سنت واحد منها قبل الإتفاق على سلطة تنفيذية جديدة، وتنفيذ الإصلاحات المرجوّة منذ أكثر من 20 عاماً.

 

إن الأولوية الأولى للفريق الإداري الجديد هي استعادة الثقة بين اللبنانيين لبعضهم البعض، الثقة بين الدولة والشعب، وبين الدولة والمجتمع الدولي. وأيضاً مصالحة إخوتنا المغتربين مع بلدهم الأم الذي طعنهم بالظهر مرات عدة.

 

من دون ثقة لا إعادة للدورة الإقتصادية، ولا إعادة للهيكلية. فالثقة هي العامل الأساسي اليوم والحجر الأول لإعادة النهوض.

 

في المحصّلة، إن الحل الوحيد لأزمتنا الإقتصادية والإجتماعية الراهنة في لبنان، لن يأتي من نافذة السياسة الداخلية الضيّقة، لكن من باب المبادرة الحرّة، وقوّة القطاع الخاص اللبناني الداخلي، الإقليمي والدولي والمنتج والإستثماري، الذي كان منذ عقود والتاريخ أساس بلادنا وركيزة منصّتنا الفريدة حول الكرة الأرضية.

 

لقد طُويت صفحة الإستحقاق الأول، وفُتحت صفحات جديدة، من واجب الجميع كسبها بموضوعية، باحترام الجميع، بمحبة، بنظرة شاملة وشفّافة، وطمر كل الأجندات المخفية بعيداً عن مصلحة الشعب والوطن.