Site icon IMLebanon

وحرب إلغاء إقتصادية !

 

لم نعد ندري ماذا يجري في قضية «الفيول المغشوش»؟

 

هل الملف بيد القضاء فعلاً.. أم هو أسير الكيدية السياسية؟

 

هل الهدف معاقبة المسؤولين الفاسدين.. أم أن الإستهداف يتركز على شخصيات معينة لغايات في نفس «يعقوب» السلطة؟

 

ماذا تعني محاولات إقحام أطراف بريئة.. والتغاضي عن ملاحقة الأطراف المتهمة بالتقصير، إذا لم نقل ما هو أكثر إدانة من التقصير؟

 

لماذا حصر المسؤولية ببعض الموظفين على صلة بطرف سياسي من هنا أو هناك.. وتجاهل المسؤولية التنفيذية والسياسية التي يتحملها وزراء التيار البرتقالي المتعاقبون على وزارة النفط منذ أكثر من عشر سنوات؟

 

الواقع أن المسار السياسي والإعلامي الذي إتخذته هذه القضية يُثير الكثير من الشكوك وعلامات الإستفهام، حول الجهات التي تحاول الضغط على القضاء، لحرف التحقيقات عن خطها الموضوعي والنزيه، والحؤول دون تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية، وتوريط جهات وشركات لا علاقة لها بهذا الملف بالذات لا من قريب ولا من بعيد، كما يحصل حاليًا مع شركة «ب.ب.أنرجي» التي يملكها رجل الأعمال بهاء البساتنة وإخوانه! لقد أثبتت التحقيقات القضائية المستمرة منذ بضعة أسابيع، أن لا علاقة لشركة البساتنة بباخرة الفيول المغشوش، وأن الشحنات التي سبق أن سلمتها شركة «سوناطراك» إلى لبنان عبر بواخر «ب.ب. أنرجي» كانت مطابقة للمواصفات، حسب المعايير الدولية، ولم يسبق أن رفض لبنان أياً منها طوال سنوات العقد مع الشركة الجزائرية.

 

وعندما طلب القضاء من أحد المسؤولين في الشركة، إثر الإدلاء بإفادته، تزويده ببعض المعلومات والوقائع الفنية، كان التجاوب سريعاً، والتعاون كاملاً، الأمر الذي أثار حفيظة أوساط سياسية وإعلامية، كانت تراهن على توريط البساتنة وابتزازهم في هذا الملف الأسود، حيث بادرت تلك الأوساط إلى التصعيد، ودفعت بمداهمة مكاتب الشركة، واستصدار قرار من القاضية غادة عون بحجز باخرة «ابسوس» الراسية في مرفأ جونيه، دون علم ولا طلب من وزير الطاقة، ورغم أن هذه الباخرة لا علاقة بها بالفيول المغشوش، وكانت تنتظر إفراغ حمولتها الجديدة بعد فتح الإعتماد المالي المستندي لصالح شركة «سوناطراك»، حسب العقد المبرم مع الحكومة اللبنانية.

 

ثمة من يذهب أبعد من هذه الوقائع في قراءة الحملة المفتعلة على شركة البساتنة، ويعتبرها جزءاً من «حرب الإلغاء» التي يشنها التيار الباسيلي على خصومه السياسيين، ومواقع المؤسسات الإقتصادية والمالية التي لا تخضع لنفوذه، ويصنفها إلى جانب منافسيه، وذلك في إطار إحكام قبضته، ليس على القرار السياسي وحسب، بل والهيمنة على القرار الإقتصادي أيضاً، خاصة وأن المرحلة المقبلة سيحتل فيها الإقتصاد مكان الصدارة في برامج الإصلاح والإنعاش المالي، التي تترقبها الدول المانحة والمؤسسات المالية الدولية، وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وما تبقى من مقررات مؤتمر سيدر، والتي سيكون لها دور مرجح في الإستحقاق الرئاسي المقبل.

 

ويُشير أصحاب هذا الرأي إلى أن شعارات مكافحة الفساد لا تنال إلا من المعارضين وخصوم التيار البرتقالي، وفي أوساط بيئة طائفية ومذهبية معينة، كما حصل في إثارة ملفات تناولها القضاء سابقًا وتم حفظها لعدم ثبوت الأدلة فيها، وتبين أن الهدف الأساسي من طرحها مجدداً هو تشويه سمعة أصحابها، والإساءة لمكانتهم السياسية والوطنية، والتشكيك بمصداقيتهم في المحافل العربية والدولية.

 

لقد أصبح واضحاً أن التستر المستمر على ممارسات وزراء التيار الوطني، في مختلف الوزارات التي تولوها في السنوات الأخيرة، وخاصة وزراء الطاقة والكهرباء، مقابل إفتعال المعارك الدينكوشيتية ضد الخصوم السياسيين، يهدف إلى ذر الرماد في العيون، وإشغال الرأي اللبناني بقضايا وهمية، تصرف الناس عن فضائح الكهرباء التي تسببت بأكثر من نصف المديونية العامة، بسبب سياسات الصفقات والهدر التي أدارتها طوال السنوات العشر الماضية، وهي في عهدة وزراء التيار الباسيلي، الذين فشلوا في تحقيق الوعود العرقوبية التي خدّروا الناس بها، ولم يتحقق الحد الأدنى منها، وخاصة برنامج إعادة الكهرباء ٢٤ على ٢٤ ساعة عام ٢٠١٥، كما كان يردد جبران باسيل وزير الكهرباء في تلك الفترة.

 

ولكن يبدو أن الجماعة لم يسمعوا بالقول المأثور: تستطيع أن تخدع بعض الناس بعض الوقت، ولكن لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت!