Site icon IMLebanon

الإنقاذ الإقتصادي يبدأ بتحديد مهام الوزير

 

أدّت الانتخابات النيابية الاخيرة الى عدد جديد من النواب الذين قد يكونون بلا خبرة في العمل النيابي والتشريعي. وينطبق هذا القول على الحكومة القادمة والتي قد تأتي بوزراء ليسوا مؤهلين لهذا النوع من العمل.

كتب احد الوزراء الجدد John Button عن خبرته كوزير جديد قائلًا : «كنت مرتبكا… لم اكن اعرف الكثير عن مهام الوزير ولم يكن لدي فكرة عمّا اريد فعله ومن اين ابدأ».

والحال ينطبق ايضًا على Bary Cohen الذي يقول كيف ان مسؤولياته الجديدة طغت عليه. وهذا تبيان وجيز عن التحديات التي يواجهها الوزراء الجدد في مهامهم.

السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا نريد نحن من الحكومة سيما وان ما نريده من الوزراء مرتبط الى حد بعيد ووثيق بما نريده من الحكومة العتيدة، وهو الحكم الرشيد. وقد عرّف عن ذلك اعلان مانيلا لعام ١٩٩٩ في المؤتمر العالمي المعني بشؤون الحكم والذي حدّده كما يلي: «نظام يتصف بالشفافية وامكانية المساءلة، عادل، ديمقراطي ويستجيب لاحتياجات الناس». وهذه الامور ضرورية وذات اهمية كبرى في كيفية اداء الوزراء.

لذلك قد تكون الفكرة الاساسية ان تستجيب الحكومات لحاجات الشعب. لذلك يجدر بنا ان نتأمل بمزيد من التفاصيل ما نتوقّعه من الوزراء في مناصبهم سيما وان عملهم ليس له صيغة معينة، ويعتمد على الكثير من المتغيرات وفيه كثير من الغموض، الأمر الذي يجعل النتائج غير مؤكدة وتستند الى قواعد يمكن التنبؤ بها.

وهناك اوجه قصور رئيسية يمكن تحديدها من خلال اداء أي وزير ضمن وزارته وقد تكون التالية:

وهنا تكمن المبادرة من اجل تحسين اداء الخدمات العامة من خلال انشاء مرصد لتقييم الاداء الذي يمكن اعتباره جزء اساسيا في عمل الحكومة ومعالجة اوجه القصور فيها.

كذلك الرصد والابلاغ عن النتائج الرئيسية التي ينبغي للحكومة ان تحدد فيها اولوياتها واستخدام التقييمات لتحسين الاداء والمساءلة والتعلم واتخاذ القرارات. كلها امور تدخل في صلب البيان الوزاري والذي سوف تحدد من خلاله الحكومة العتيدة اهدافها وخطة عملها.

وعلى الرغم من جميع النقاط حول الاداء الوزاري الا انه لا يوجد سوى القليل القليل حول كيفية قياسه. احدى هذه المناقشات حصلت في British Columbia عام ١٩٩٦ عن المحاسبة وقياس اداء الوزراء وما هي معايير هذا الاداء واستندت على امور متنوعة تتعلق بكيفية اتخاذ المواقف وكيف يعملون ضمن فريق متماسك في الحكومة وغيرها من الامور، الا انه لا توجد اية وثيقة او معايير تُعتمد.

في الانظمة البرلمانية، يتوجب على مجلس النواب القيام بهذا العمل واتباع معايير محدّدة لتقييم اداء الحكومة والوزراء والتزامهم بالقوانين والنصوص ومحاسبتهم على هذا الاساس.

وهذا يعيدنا الى حيث بدأنا مع الاهتمام للحكم الرشيد والممارسة الجيدة التي تتطلب من وزرائنا ان يكونوا على اتمّ الاستعداد وان يكون اداءهم على مستوى عال من الشفافية والمسؤولية امام السلطات المنوط بها محاسبتهم. هذا الامر يجعلهم اكثر تعاونًا ويشجعهم على التركيز على المهام المنوطة بهم وتحسين اداء الخدمات العامة هذا.

تحدّد مدونة سلوك الوزراء منذ عام ١٩٥٤ في سنغافورة قواعد التزام هؤلاء الوزراء في المحافظة على المعايير، واي انتهاك لهذه «القواعد المُلزمة» تعرّض الوزير لفقدان منصبه. لذلك عليهم الامتثال لأنهم مسؤولون شخصيًا عن الامتثال لهذه المدونة ومن المتوقع ان يتخذوا قراراتهم على النحو المطلوب وبموجب القوانين.

قد تكون اهمها مواجهة احتمال الفساد والثروة الغامضة والتداخل المحتمل بين المصالح الشخصية والمسؤوليات العامة، وان يتصرف بحكم منصبه بشكل يتضارب مع المصلحة العامة وان يستغل هذا المنصب لمصالح الشخصية. كذلك من جملة هذه المدونة، ألاّ يستخدم نفوذه لدعم ترشيحه اي شخص للقبول او الترقية في الخدمة المدنية. وهذا ملفت سيما وان القطاع العام بدأ يشكّل ضغطا كبيرا على مصاريف الحكومة اللبنانية.

وتقدّر هذه المصاريف بـ ٧٠ بالمائة من موازنة الدولة، والآتي أعظم، سيما واننا امام ضغوط السلسلة والفروقات ومعاشات التقاعد التي وان لم تجزأ بشكل يحمي مالية الدولة قد نتجّه الى تعقيدات لا تحمد عقباها.

ومدونة قواعد السلوك في سنغافورة مفصّلة بشكل يشمل ادق تفاصيل العمل الوزاري ومهام الوزير وحتى العلاقات مع الموظفين وقبول الهدايا الشخصية والتي يمكن ان تؤدي الى امتيازات لأصحابها، واستخدام منصبه للحصول على امور غير مستحقة. ومدونة السلوك قد تكون ضرورية في لبنان سيما وان بعض الوزراء يستغلون مناصبهم لمصالح انتخابية وشخصية غير آبهين بالمصلحة العامة او اقله في تفضيلهم مصالح محازبيهم على المصلحة العامة.

لذلك قد يكون قياس الاداء ضروريا من الآن وصاعدًا لا سيما وان الدولة ومؤسساتها معرّضة اكثر من اي وقت مضى، ونحن في وضع اقتصادي مزرٍ، والفساد بلغ ذروته الامر الذي يستدعي المحاسبة والمساءلة. ولا عيب في ان تحدّد مدونة قواعد السلوك للوزراء والنواب والتي اثرت سلبًا لغاية الآن على المفاهيم العامة وتحسّن صورتهم امام المواطنين، كذلك تساعد في تحسين الاداء وما يسمّى بالحكم الرشيد.

هذا يعيدنا الى حيث بدأنا، وما نطلبه من الوزراء المقبلين هو ان يكونوا على اتم الاستعداد للاضطلاع بمسؤولياتهم المهنية الثقيلة.

وهنا المساءلة ضرورية، وقاعدة من أين لك هذا، تبدو مهمة وحيوية اكثر من أي وقت مضى وفي ظل ظروف محرجة، حيث بات زعماء العالم يصنّفون لبنان على انه دولة يعتبر الفساد فيها آفة من خصالها.