Site icon IMLebanon

الأزمة تتفاقم… والمشهد الأسوأ أمامنا

 

إستعدّوا لتَسارع الانهيار الاقتصادي بشكل كبير في الفترة المقبلة! هذه هي نتائج سوء الادارة، والقرارات العشوائية والمُجتزأة المتّخذة من قبل السلطلة الحاكمة منذ بداية الأزمة في العام 2019، والتي لم تفلح سوى بتسريع الانهيار والتدهور المالي والاقتصادي والمعيشي. وعلى رغم انّ قرار مصرف لبنان، رفع الدعم عن المحروقات، هو الإجراء الصحيح والمطلوب منذ فترة طويلة، لأنه يوقِف استنزاف ما تبقّى من أموال المودعين لمصلحة المهرّبين والدول المجاورة، إلّا انّ آثاره الاقتصادية ستكون خطيرة جدّاً.

 

بين إصرار مصرف لبنان على رفع الدعم وإصرار الطبقة الحاكمة على إبقائه، يَنذلّ اللبنانيون بحثاً عمّا تبقى من بنزين على السعر المدعوم الى حين نفاد مخزون الشركات المستوردة، والتي لن تسلّمه قبل تحديد وزارة الطاقة الآليّة او التسعيرة التي سيتم اعتمادها. تلك الآلية تعتمد على تشريع استخدام الاحتياطي الالزامي من العملات الاجنبية في مصرف لبنان لمواصلة دعم المحروقات، وذلك عن طريق إقرار مجلس النواب لهكذا قانون، او تقبّل قرار البنك المركزي ورفع الدعم كليّاً عن المحروقات لتصبح أسعارها حوالى 350 الف ليرة لصفيحة البنزين، علماً انّ تشريع المَسّ بالاحتياطي الالزامي لمواصلة الدعم، سيُعيدنا الى السيناريو نفسه بعد حوالى عام ونصف، لكن من دون احتياطيات، وربما من دون احتياطي الذهب. ولن يكون هناك خيار آخر سوى رفع الدعم. هذا الواقع يضع الكرة في ملعب الحكومة ومجلس النواب اليوم لاتخاذ هذا القرار، على ان يكون مصحوباً بتوفير شبكة أمان اجتماعي لأنّ مصرف لبنان ليس مسؤولاً عن ذلك ولا يمكنه وليس من المفترض به أن ينتظر أكثر صَحوة ضمير الحكّام.

 

والى حين الاختيار بين هذين الحلّين، ستبقى مادتا المازوت والبنزين مقطوعتين من السوق، أي انّ البلاد مقبلة مع بداية الاسبوع المقبل على شلل تام.

 

في المقابل، فإنّ قرار رفع الدعم منفرداً من دون موازاته مع أي بديل او خطة للتعويض على الطبقة الفقيرة، والتي أصبحت غالبية في البلاد، ستكون له عواقب وخيمة لأنه سيؤدي الى مزيد من الارتفاع في سعر صرف الدولار مقابل الليرة، حيث سيحتاج المستوردون إلى شراء العملات الأجنبية من السوق، ما سيؤدي إلى ضغط كبير على الليرة اللبنانية ويدفَع بالدولار الى التحليق صعوداً الى مستويات قياسية جديدة ما سيزيد من نسَب التضخم. فعندما كانت السلع مدعومة، كان مصرف لبنان يستخدم احتياطاته من العملات الأجنبية لتمويل واردات بعض السلع. امّا اليوم فالاستيراد غير المدعوم سيحتاج الى تأمين الدولارات من السوق، رغم انها شحيحة ومفقودة.

 

في هذا الاطار، اعتبرت الخبيرة الاقتصادية عليا مبيّض انّ سياسة الدعم المتّبعة لا تنطبق عليها شروط الدعم الحقيقي، و»بالتالي هو ليس دعماً لكي يتم رفعه، هو سرقة منظّمة تخدم المنظومة الحاكمة وشبكة مصالحها على حساب المجتمع»، مشيرة الى انّ وظيفة البنوك المركزية في العالم لا تشمل دعم السلع على غرار ما يحصل في لبنان، «الدعم يكون عبر سياسة الحكومة المالية واعتمادات خاصة في الموازنة العامة».

ad

 

وأوضحت انّ سياسة مصرف لبنان المتعلّقة بتعدّد اسعار الصرف تُعمّق المشكلة:

– عبر تقليص خسائر القطاع المصرفي ومصرف لبنان وتحميلها للمودعين الصغار والمواطنين نتيجة التضخّم وانهيار سعر الصرف بدلاً من إعادة هيكلة منظّمة للقطاع.

– عبر تخفيض أسعار المواد (سلة غذائية، مازوت، دواء) لتستفيد المنظومة من تهريبها خارج لبنان عبر شبكات المحتكرين والمهرّبين المرتبطين بها.

 

ولفتت مبيّض الى انّ استمرار هذا النهج هو تبديد لِما تبقّى من موارد بعد استنزاف 17 مليار دولار منذ تشرين الاول 2019 جرّاء تهريب السلع واموال المتنفّذين، نتيجة عدم إقرار قانون الكابيتال كونترول وعدم إعادة هيكلة الدين العام وهيكلة المصارف ومصرف لبنان، مشيرة الى انّ 17 مليار دولار توازي 80 في المئة من الناتج المحلي، كانت ستساهم بإعادة نهضة البلد ووقف الانهيار، إلا انه تمّ تبديدها وخسارتها وتمّ تدمير الاقتصاد والبلاد.

 

كما رأت انّ المطالبة بضبط الحدود لوقف التهريب مُضلِّلة وغير مجدية، لأنه لا يمكن لقوى أمنية متهالكة ان تغلب ما تفرضه الجغرافيا والاقتصاد، «فمحاولة ضبط الحدود لوقف التهريب لم تنفع بين اي دولتين مجاورتين يكون فارق الاسعار بينهما شاسعاً لهذه الدرجة. فكيف بحالة لبنان في ظل انحلال الدولة وإفقار المواطنين الذي دفعهم للمشاركة بشبكات التهريب والجريمة المنظمة».

ad

 

وشدّدت مبيّض على انّ كافة الحلول ستكون موجعة، لكن أسوأها هو استمرار الوضع الحالي ومُفاقمته عبر تأجيل توحيد اسعارالصرف من قبل مصرف لبنان، وهي من صلاحيته ومسؤليته، ورفض الحكومة القيام بواجباتها في حماية الطبقة المحتاجة عبر نظام حماية اجتماعية ناجِع، ما زالت منذ 18 شهراً تقوم بتأجيله لاستثماره في الانتخابات النيابية المقبلة.

 

وختمت: الحلّ يكون فقط من خلال تطبيق خطة اقتصادية اجتماعية شاملة تعالج تلك الأزمات، من أولوياتها برنامج دعم نقدي شفاف غير مُسيّس يستهدف بشكل علمي الفئات الاكثر هشاشة من آثار التصحيح الضروري لهذه الاختلالات، وليس مضاعفتها كما هو مطروح حالياً عبر الاستمرار بسياسة دعم السلع العشوائية.