Site icon IMLebanon

الوجه… والوجه الآخر

 

 

تكشّفت المحنة الكارثية والمالية والصحيّة التي ضربتنا عن أوجهٍ عديدة في مجتمعنا أبرزها الوجه الناصع والاندفاع والاستمرار في إحدى أجمل عاداتنا وتقاليدنا، وهي «العونة» التي تُمثّل أكثر أنواع التعاون إشراقاً. هذا ما ظهر في غير مناسبة وظرف ومحنة، خصوصاً في أعقاب انفجار المرفأ المروّع وما ترتّب عليه من كوارث. فلقد شاهدنا الناس تندفع بقلوب كبيرة، وهمّة وتصميم، من مختلف المناطق اللبنانية، إلى الأشرفية ومار مخايل والصيفي والكارنتينا والخندق الغميق، وطبعاً إلى المرفأ، ليقّدم كلٌ ما لديه من إمكانات وقدرات…

 

في المقابل، برزت مظاهر سلبيةٍ بعضها مُخزٍ، وبعضها الآخر مؤذٍ جداً، إذ إن كثيرين لم يكن لهم من هدفٍ وهمٍ سوى الربح الحرام، على حساب المنكوبين والمصابين والفقراء والمعثّرين الذين بالكاد يتمكّنون من الحصول على الحد الأدنى من اللقمة الحلال.

 

وهناك الذين يغتنمون حاجة الناس إلى المواد الغذائية ليرفعوا أسعارها خلافاً لأي حق ومنطق. والأدهى منهم الذين حجبوا تلك المواد ليرتفع الطلب عليها ما يُضاعف سعرها.

 

ثم هناك الذين تلاعبوا بالدواء فحجبوه عن المرضى، خصوصاً أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية. والأدهى منهم أولئك الذين جمعوا كمياتٍ كبيرة من تلك الأدوية ليهرّبوها إلى الخارج. وهؤلاء جريمتهم مزدوجة: فمن جهة حجبوا الدواء عن المحتاج إليه، ومن جهةٍ ثانية سرقوا الأموال العامة كون هذا الدواء مدعوماً. والمثال الأكثر فجاجةً الكميات التي ضُبطت أمس من الدواء وكانت مُعدّة للتهريب إلى خارج لبنان…

 

وأما مافيات السوق السوداء لصرف العملة فحدّث ولا حرج، خصوصاً أن السؤال المحيّر هو كيف يحدث أن المواطن اللبناني يعرفها بالأسماء ويقصدها بالمواقع ويتعامل معها، أما السلطات المعنية فلا تعرفها! وأما إذا كانت تعرف ولا تكافح، فالمصيبة أعظم!