IMLebanon

لعنة الثابت والمتغيّر في لعبة 6 مستحيلات

 

مأزق لبنان الوطني والسياسي يتعمق بمقدار ما تتراكم فوق اللبنانيين أثقال الأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية والصحية. والدوران المستمر في المأزق محكوم بالعجز حتى عن الحد الأدنى من إدارته وتخفيف قسوة الحياة فيه. أما البحث عن مخرج، فانه أسير التوقف والجمود حيناً، والتحرك في الإتجاه الخاطئ دائماً. في الحال الأولى تملأ السجالات التافهة الفراغ. وفي الحال الثانية تنطلق محاولات ردم الهوة بين المواقف المتصلبة من التصرف على أساس أن أركان الأزمة ثابتون والبلد متغير، خلافاً لأحكام الأنظمة الديمقراطية. وفي الحالين إنفصال كامل لحسابات اللاعبين على مسرح الجمهورية عن واقع الجمهور وهمومه ومعاناته التي زادها كورونا صعوبة.

 

ذلك أننا عالقون في طريق مسدود تتحكم فيه حواجز عدة، وسط لعبة رهانات على أمور يراوح الوصول اليها بين الصعب والمستحيل. الأمر الأول أن تأخذ التركيبة السياسية بالوصفة الفرنسية التي عنوانها حكومة اختصاصيين لمهمة محددة كعلاج لبدء التعافي. والثاني أن يتنازل الرئيس سعد الحريري عن التكليف معتذراً عن عدم التأليف. والثالث أن يتراجع الرئيس ميشال عون في معركة الصلاحيات عن الإصرار على ما يمكن تسميتها “حكومة لعهدين”: لما بقي من عهده، وفتح الطريق لوراثة العهد. والرابع أن يتخلى “حزب الله” عن السلاح والإرتباط بإيران والمشاركة في حرب سوريا ولعب دور اقليمي في “محور الممانعة” والتوقف عن مهاجمة أميركا والسعودية. والخامس هو التفاهم على بديل من اتفاق الطائف كما على تطبيقه بالفعل. والسادس هو الإحتكام الى الدستور، بدل استخدام الدستور والميثاق والطائف كأدوات في المعارك السياسية التي تأخذ الطابع الطائفي والمذهبي.

 

ولا شيء يوحي بالطبع أن هناك فرصة عملية، لا نظرية، للخروج من المأزق عبر تغيير أركان الأزمة بخيارهم أو بالإضطرار تحت ضغوط قوة أكبر. ولا أحد يعرف أو يستطيع أن يحدد وسط كثرة الأحاديث عن متغيرات إقليمية ودولية مؤثرة في الوضع اللبناني، ما هو اتجاه المتغيرات وما تحمله عملياً. فنحن في حال الهر المربوط بذنب الجمل، حسب المثل الشهير. كلما تحرك الجمل يأكل الهر ضربة. وكلما ناخ الجمل يصطدم الهر بالأرض. لكن الكل يعرف، أو عليه أن يعرف ويحسب، أن استمرار هذا الوضع المأزوم في طريق مسدود على أرض تنهار سيؤدي في النهاية الى انفجار في مكان ما: إنفجار شعبي سلمي أو إنفجار عنفي أو إنفجار حرب في المنطقة ليس لبنان خارج مسرحها. فكيف إذا كنا نتصارع على حصص في حكومة لبلد يقترب من أن يصبح حصة لايران؟

 

بعض ما ينطبق على حالنا مع التركيبة السياسية هو مثل قديم: “كل أسنانك يمكن أن تقع باستثناء السن التي توجعك”.