IMLebanon

المرحلة الفاصلة عن الانتخابات: نكد سياسي وشدّ عصب وتصفية حسابات

 

الأزمة الاقتصادية في لبنان من أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ العام 1850

 

 

يفيد البنك الدولي في أحد تقاريره الخاصة بلبنان ان الأزمة التي يعيشها لبنان في هذه المرحلة هي من أسوأ ثلاث أزمات اقتصادية في العالم منذ العام 1850، ويزيد على ذلك ليكشف عن أن 80 بالمئة من اللبنانيين باتوا تحت خط الفقر، فيما فقدت الليرة اللبنانية ما يزيد عن الـ90 بالمئة من قيمتها.

 

وعلى الرغم من وصول هذا التقرير إلى جميع المسؤولين الذين قرأوا جيداً، إلا أنهم لم يحركوا ساكنا حياله، حيث أنه ورغم حجم الكارثة الاقتصادية والاجتماعية التي ضربت البلاد والعباد، ما زالت مقاربة هذا الموضوع تتم بشكل بطيء ولا تقدّم أي طروحات أو أفكار يُمكن ان تساعد على الخروج من هذا الأتون القاتل، وأن جُلّ ما يفعله أصحاب القرار في لبنان أنهم ينتظرون صندوق النقد الدولي لإعطائهم إشارة البدء بعملية التفاوض التي تكون محددة بسقف زمني معين لمعرفة ما إذا كان باستطاعة لبنان تلبية مطالب الصندوق التي تعد المدخل الرئيسي لتقديم أي مساعدة وإن كانت بعض المعلومات تقول بأن لا مساعدات للبنان قبل حصول الانتخابات النيابية ومعرفة المشهد السياسي المقبل، وكذلك الشروع في عملية الإصلاحات التي نصت عليها كل المؤتمرات الدولية التي انعقدت في السنوات السابقة لأجل لبنان.

 

ويبدو من خلال المعطيات التي برزت في اليومين الماضيين بأن العام الجديد لا يحمل معه أي مؤشرات توحي بإمكانية الخروج من الازمات المتشعبة التي تشد على خناق اللبنانيين، وأن كل يوم يمر من الممكن ان يحمل معه المزيد من التأزم، لا سيما وأن المشهد السياسي الذي طبع الساعات الأولى من انطلاق السنة الجديدة يؤكد بما لا يحتمل الشك بأن النصف الأوّل من هذه السنة سيكون صعباً جداً على كافة الصعد، وأن التحضيرات للإنتخابات النيابية ستترافق بكباش سياسي وتجاذبات من العيار الثقيل، وهذا الأمر بالطبع سيرتد سلباً على الوضعين النقدي والمعيشي وسيزيد الطين بلة عند اللبنانيين الذين لم يعد لديهم القدرة على الاحتمال.

 

الامتناع عن فتح دورة استثنائية للمجلس في هذه الظروف يزيد طين الخلافات بلة

 

ووفق المعطيات فإن الاشتباكات السياسية ستأخذ مع قابل الأيام اشكالاً مختلفة وطرقاً مغايرة، حيث أن الانتخابات المقبلة ربما تجعل حلفاء اليوم أخصاماً، والعكس صحيح، وذلك كون أن الخارطة الانتخابية ومعها السياسية مقبلة على متغيرات أقل ما يقال فيها أنها ستكون نوعية، إذ أن المعلومات تتحدث عن أن خوض غمار الانتخابات النيابية سيكون مكلفاً كونها ستكون معركة إثبات الوجود، وهي ربما تكون الانتخابات الوحيدة التي سيُضخ فيها أموالٌ فوق العادة، والمعركة حولها ستكون شرسة للغية ستستخدم فيها كل أشكال الإغراءات بغية حث الناخبين على الذهاب إلى صناديق الاقتراع بعد أن ظهر للعلن أن هناك إحجاماً كبيراً سيكون عن هذه الصناديق كتعبير واضح من قبل المواطنين عن امتعاضهم من السياسات المتبعة التي جعلتهم في أدنى مستوى من العيش وأوصلتهم إلى ما دون الخط الأحمر من الفقر والبطالة، ناهيك عن هجرة الشباب بحثاً عن لقمة عيشهم خلف البحار.

 

وفي ظل رفع سقف المواجهة بين «أمل» «والتيار الوطني الحر» والتي بلغت ذروتها بالأمس، يتبين أن الفترة الفاصلة عن الانتخابات ستكون حبلى بالخطابات التصعيدية، خصوصاً وأن هناك من يسعى الى شد عصب شارعه، بعد أن لمس أنه «مزروك»، وأن منسوب شعبيته الى انخفاض نتيجة بعض الممارسات التي جعلت حتى المغتربين يُبدون انزعاجاً وينفرون من تصرفات باتوا يرون فيها غض شخصية ولغايات سياسية فقط لا غير.

 

أما على خط التوتر الذي ظهر نتيجة ما قاله النائب جبران باسيل عن العلاقة بحزب الله، فإن مصادر عليمة ترى أن العلاقة بين الجانبين لم تعد كما كانت في السابق، وهي تعرّضت لهزة قوية، لكنها لم تصل بعد إلى حدّ ما يسمى بـ«كسر الجرة» بين الطرفين، وقد كان الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله صريحاً في خطابه بالأمس لجهة الحفاظ على طبيعة العلاقة مع «التيار الوطني الحر»، وهو قال كلاماً لاقى فيه باسيل في بعض جوانب ما طالب به خصوصاً لجهة العمل على تطوير تفاهم «مار مخايل» وزاد السيّد نصر الله على ذلك بتمسك بهذا التفاهم واستعداده للجلوس وفتح حوار حول الشوائب التي يشكوا منها «التيار» وهذا يؤشر إلى ان العلاقة بين الضاحية وميرنا الشالوحي لم تصل الى مرحلة الارتطام الكبير، وأن ترميم ما حصل في الآونة الأخيرة ما زال ممكنا، ناهيك عن أن مناخات الانتخابات المقبلة تفرض على الجانبين عدم الافتراق.

 

وتعتبر المصادر أن جنوح رئيس الجمهورية باتجاه التضييق على رئيس المجلس من خلال امتناعه عن التوقيع على مرسوم فتح دورة استثنائية يأتي من باب النكد السياسي وليس له أي معنى سياسي آخر، وهذا التوجه سيواجه حكماً بعريضة نيابية تطالب رئيس الجمهورية بتوقيع مرسوم فتح الدورة، وأن الأكثرية المطلوبة لهذه العريضة مؤمّنة في جيب رئيس المجلس، وهذا يعني ان ذهاب رئيس الجمهورية في اتجاه «زكزكة» الرئيس برّي من باب التجادل السياسي لن يمكّن الرئيس عون من تسجيل نقطة في مرمى الرئيس برّي، لا بل إن النتيجة ستكون معاكسة لذلك تماماً وستُظهر رئيس البلاد وكأنه يعطل عن قصد العمل التشريعي والدستوري.

 

وتخلص المصادر إلى القول بأن ما يجري على الساحة السياسية لا يتعدى كونه تصفية حسابات وشدّ عصب على أبواب الشروع في التحضير للانتخابات النيابية بأيام مقبلة صعبة، مع أن حصول هذه الانتخابات في موعدها المحدد غير محسوم حتى هذه اللحظة.