يعتقد كثير من اللبنانيّين أنّ ذهابهم الأسبوع المقبل للتعايش وجهاً لوجه مع فيروس كورونا أهون عشرات المرات من التعايش مع سياسيّين يتشقلبون عشرات المرات في مواقفهم في ساعات قليلة، وأهون بكثير من مواجهة غيلان الاحتكار والتجار الفاسدين الذين قرّروا أن ينهبوا البقيّة الباقية في جيوب اللبنانيّين وأفواه أطفالهم من دون أدنى خوف من أيّ محاسبة، وبمنتهى الثّقة أنّ وزير الاقتصاد في هذه الحكومة العقيمة راوول نعمة لن يدقّ ناقوس الخطر ويطلب اجتماعاً طارئاً لتبحث حكومة دياب في كيفيّة مواجهة الثعالب والذئاب التي تنهش لحم اللبنانيّين فتشكّل جيشاً من مراقبي الأسعار وضبط المخالفات وتخويله تشميع هذه المحلات والمؤسسات التي تغيّر أسعارها في الصباح والمساء، من دون أدنى رحمة!!
البعض لا يفهم إلا متى أحسّ بوجع جيبته عندما يعاقب بتسطير محضر ضبط بحقّه، حان الوقت للقبض على بعض الذين يتاجرون بلقمة النّاس، مع ملاحظة أن الحكومة العقيمة منشغلة بتسجيل إنجازها التاريخي في الورقة الاقتصادية التي لم تقدم بعد ولم تؤخّر في الواقع اللبناني، ونشكّ أنّه سيكون بمقدورها أن تفعل أكثر من أن تفجّر هذه المرّة ثورة لا تستكين، ليس مفهوماً لِمَ تتخلّى الحكومة عن دورها في لجم الجنون الذي يحاصر المواطن اللبناني تحت عنوان ارتفاع سعر الدولار، ثمة منتجات لا علاقة للدولار بها من قريب ولا بعيد ومن غير المبرر الارتفاع الجنوني في أسعارها!!
جهنّم التي تحيط بالمواطن اللبناني فلا تتركه يلتقط أنفاسه من لفح نيرانها لم تتركنا وشأننا بالأمس، من أبشع ما تقوم به وسائل التواصل الإجتماعي أنّها لم تترك حرمة إلا وانتهكتها، من فيديو المرأة الحامل والرّجل إلى جانبها وهما يتناولان الطعام من مستوعب النفايات وعنده كأنّه مائدة طعام، علت أصوات المعترضين والرافضين وحتى المشككين، صورة الواقع في لبنان باتت قاتلة إلى حدّ لا يُصدّق.. بالكاد مرّ وقت قليل حتى طاردتنا مواقع التواصل الإجتماعي بفيديو قتل ثم انتحار في لحظة واحدة بعضها عرضت علينا صور الجثث والدّماء القاتل والقتيلة، كثير انتهاك موت النّاس إلى هذا الحدّ!!
كغيري، قرأت بالأمس صرخة روى فيها مواطن لبناني واحدة من فظائع الأيام التي وصلنا إليها فكتب على موقع فايسبوك «الصدفة اللعينة جعلتني أتوقف أمام بائع الخضار لأسمع سيدة تترجّى بائع الخضار أن يبيعها حبّة بندورة واحدة بـ 500 ليرة لا تملك غيرها وهي تحلف.. حقاً إنّها نهاية حزينة لشعب شبعان كرامة.. منقول»… كثيرة هي الحكايات التي يتداولها اللبنانيّون ماذا بعد هذا الذلّ؟ متى ينهض المعنيين عن كراسيهم لإخراج الأمن الغذائي من دائرة العبث بمصير اللبناني، إحذروا ثم احذروا من تذلّه لقمته!!
في بلد يتحكّم به وبسياساته وواقعه وسبل إنقاذه أمين عام حزب الله حسن نصرالله، فيرسم حدوده وخطوطه الحمر ويحدد ما يقبل وما لا يقبل وما يتفاوض عليه، أبواب جهنّم ستبقى مفتوحة على لبنان وألسنة نيرانها ستظلّ تحرق كلّ ما يحيط به قاطعة الطريق على بناء دولة حقيقيّة ووطن حقيقي غير مرتهن لأي أجندة، وليس رهينة لأي عقيدة دينيّة ولا وليّ فقيه، بالأمس كشف نصرالله أنه «لم يحصل بعد تفويض من أي جهة في البلد للذهاب إلى التفاوض مع صندوق النقد الدولي وأنّ أي نقاش سيحصل معه سيخضع للنقاش في الحكومة»، ببساطة هذا الكلام يعني أن لبنان سيبقى يحتضر من دون حلول مع ملاحظة أنّ صندوق النّقد الدولي لم يصدر عنه أي حرف بخصوص مساعدة لبنان، ونستبعد جداً أن يرضخ صندوق النقد الدولي لشروط حسن نصرالله مما يدفعنا للقول أن اجتماع رؤساء الكتل السياسية في قصر بعبدا غداً هو من باب لزوم ما لا يلزم، ما دام صاحب الحلّ والربط في لبنان أعلن قراره بالأمس!!