IMLebanon

حالة طوارئ إقتصادية

 

بلدٌ عليه مئة مليار دولار دين، لا مورد له إلا السياحة، وهو يتّكل على السياحة الخليجيّة تحديداً، وحركة السياحة فيه معطّلة منذ عشر سنوات، وكلّ ما يتعلّق بحركة السياحة هذه أفلس أو يعلن إفلاسه، وكل موازنته تصرف على «حشو» موظفي «دولة مهركلة»، أيّ خطة طوارىء إقتصاديّة ستنقذه؟! لهم العجب هؤلاء المسؤولين الذين ما يزالون يتعتقدون أنّ بإمكانهم الضحك على عقول الشعب اللبناني الذي أدار لهم ظهره منذ زمن، وغسل يديه من كل خدعهم!

 

«معنا ستّة أشهر»، هذه مهلة إنذار تخفيض تصنيف لبنان الذي منحت مهلته مؤسسة S&P، ماذا ستفعل «خطّة الطوارىء» هذه التي لا نظنّ أنّها ستغيّر شيئاً في واقع لبنان، لم يبقَ للمواطن اللبناني لحمٌ حيّ لتقتطع منه هذه الدولة شيئاً، وكلّ ما يقال ذرّ للرّماد في العيون، نحن أمام دولة «تُشلّح مواطنيها»، بلدٌ من دون دخلٍ حقيقي غارق في دفع فوائد الدّين وما تزال أكبر الحلول عند منظّري إنقاذه اللجوء إلى دول العالم للاستدانة، والبلد عاجز عن دفع الدّين ولا فوائده وعاجز عن تأمين مداخيله ولا تحقيق وعود آمنة للسيّاح الخليجيين ليقصدوا البلد، ولن يقصدوه لأنّهم يسمعون شتائم دولهم وحكامهم من تلك الشاشة التي يطل منها أمين عام حزب الله حسن نصرالله مالك زمام الحكم الحقيقي في لبنان وراهن قرار سلم لبنان وحربه لطهران ومرشده الإيراني!

 

أيّ خطّة طوارى إقتصاديّة، الكلام سهل جداً، والبعض يحبّ «مظهر المنقذ المعجزة»، كيف نثق بدولة تدّعي أنّها تجتمع لاجتراح «خطّة إنقاذ» فيما هي استعارت الدّراسة القطاعيّة حول الاقتصاد اللبناني التي أعدّتها شركة «ماكينزي أند كومباني» وبطلب من الحكومة اللبنانية، سبق وجرّبنا الحكي كثيراً جدّاً، وفي كلّ المرّات خاب أمل اللبنانيين إلى أبعد الحدود، مهلة 6 أشهر هذا يعني أنّ على المعنيين أن يترقبّوا حتى شهر شباط المقبل، أما اللبنانيّون فيستشعرون قلقاً عميقاً وحقيقيّاً من الأيام المقبلة عليهم، لا يشعر اللبنانيّون أنّهم سيشاهدون حراكاً حقيقياً يدفع البلد إلى الأمام، ولا بجهد حقيقي سيغيّر هذا المشهد، بل يترقبّون موازنة «تسلخ جلدهم» هذه المرّة، ويتهرّب المعنيّون من السؤال عن الضرائب، تشعر كأن الواحد منهم لسعته أفعى عندما يسأله صحافي عن فرض ضرائب جديدة، وهم يعرفون في أعماق أعماقهم أنهم سيفرضونها وميزانيّة 2020 لناظرها قريبة!

 

يشهد اللبنانيّون كلّ يوم فضائح دولتهم، أقربها مشهد الأحد الماضي مع إصرار حزب الله على الانفراد بقرار السلم والحرب، والحبل عالجرّار الرّدود لم تنتهِ بعد، فيما الدولة باقية على حالها تماماً كما اللبنانيّون يستمرّون على حالهم «لا يهشّون ولا ينشّون»، حتى حلبات «الديوك السياسية» التي «ينتف» فيها الفرقاء ريش بعضهم والصراخ من على منابر الحروب الوهمية، كلّهم «طبيقة» واحدة، في دولة التلزيم بالتراضي والهدر والسمسرات، فأيّ خطّة طوارىء وإنقاذ سيطبّقون؟!

 

هذه الحكومة لم تملك أصلاً برنامج إصلاح، ومع أنّها ثرثرت عنه ليل نهار، عجزت عن إنجاز شيء، ولا تملك هذه الحكومة أيضاً مشاريع تنهض بالبلد واضحة التفاصيل، والآن لسنا مضطرين أن نصدّقها عندما تقول أنّها تملك خطّة طوارىء إقتصاديّة تنقذ البلد، واللبنانيّون جاهزون لمشاهدة عمليّة الإنقاذ وتطبيق خطّة الطوارىء وكلّ العناوين التي سمعوا عنها بالأمس، لكن لم يصدّقوا منها حرفاً!