لبنان منطلقٌ بشراهة نحو فراغ مؤسساته، فيما تنقل لنا المواقع الإخباريّة وتتحفنا نقلاً عن خبراء مجهولين أنّ لبنان ذاهب باتّجاه الصوملة وإعلانه دولة فاشلة إقتصاديّاً واجتماعيّاً مثل الصّومال وبنغلادش، بصراحة استحى خبراء البنك الدّولي أن يصدروا مثل هذا التحذير، ثمّ قد نفهم التّحذير من الفشل الإقتصادي، إنّما الفشل الإجتماعي فالأمر بحاجة إلى بُعد نظر وتفكير!
وفيما لبنان المنتعش والمنطلق هذا الصيف من دون رئيس جمهوريّة ولا حكومة أصيلة وبمجلس نيابي فاشل بفعل التوازن الهشّ الذي حمانا حتى الآن من فرض رئيس علينا لأنّ لا أحد يملك الأكثريّة، قيل إنّ إيران حملت على وزير قطري بعدما أثار معها مسألة انتخاب رئيس للجمهوريّة وطلب منها المساعدة فجاءه جواب طهراني إيجابي يقول: «إيران حريصة على التوافق في لبنان والوصول إلى تسوية»، هذه الصيغة موروثة عن سيّىء الذِّكر الإحتلال السوري العسكري والسياسي للبنان منذ دخوله على خط الحرب الأهليّة منذ العام 1975 وظلّ لنصف عقد من الزّمن يُردّد على مسامعنا أنّ «سوريا مع كلّ ما يتّفق عليه اللبنانيّون» والمعنى الفعلي لهذه المعادلة أنّها ستمنع بكلّ قوّتها العسكريّة وبالإغتيال أي محاولة اتفاق بين اللبنانيّين، ورثت طهران دمشق وكلاهما أخبث من بعض، إيران حريصة على التوافق اللبناني ولكن حزبها في لبنان يضع الفيتوات على فرقاء لبنانيّين ويحجب عنهم التوافق بحجة سابقة تعاملهم مع إسرائيل مع أن ما بين إيران وإسرائيل ملح وسلاح وأكبر جالية يهوديّة في إسرائيل هي الإيرانية وشركاتهم «شغّالة» ما بين الطرفين!
لن يحتاج اللبنانيّون خمسين عاماً أخرى ليتعلّموا من أخطائهم السابقة المميتة، ممنوع أن يخرج علينا شيخ بدعوى أنّ المسلمين اللبنانيين هم أخوة للمسلمين السوريّين محتجاً ورافضاً مطالبة اللبنانيّين بعودة اللاجئين السوريّين إلى دولتهم بعد توقّف الحرب والمساعدات التي تنفق عليهم في لبنان فلتنفق عليهم في سوريا، على هؤلاء المشايخ أن لا يخدعوا النّاس، لبنان قبل وفوق الجميع والمسلمون اللبنانيّون تعلّموا هذا الدّرس من تجربة الحرب الأهليّة التي انتهت بالاجتياح الإسرائيلي بعد التجربة الفلسطينيّة التي فيها من العبر ما يكفي!
ولن يحتاج اللبنانيّون خمسين عاماً أخرى ليعرفوا أنّ معادلة طهران المستعارة من احتلال سابق كاذبة، وأنّنا في لبنان ندفع منذ اغتال حزب إيران في 14 شباط العام 2005 الرئىس رفيق الحريري في ضربة موجّهة للسعوديّة أوّلاً ولبنان ثانياً بعد وضع يد إيران على العراق، هذا الحرص الكاذب يقترب من عتبة العقدين من الزّمن ولا تزال إيران تراوغ وتراوغ وتراوغ، ويمكرون بلبنان والمنطقة ولا بُدّ أن يحيق المكرُ السيّىء بأهله، ففي طرفة عين، الله قادرٌ على ضرب الظالمين بالظالمين تماماً مثلما يحدث في إسرائيل (كيان العدوّ) الذي خرجت صحفه متّشحة بالسواد خائفة مترقّبة اندلاع حرب أهليّة في إسرائيل، وما إيران وحزبها عن هذا القدر ببعيد.