IMLebanon

الحياد الإقتصادي ركن أساسي لبلادنا

 

 

لا نزال نشهد إستكمال الإستراتيجية التدميرية والتخريبية الهادفة إلى ضرب وتركيع كل أركان إقتصاد لبنان، فبعد الهجوم المبرمج على القطاعات النقدية والتجارية والصناعية والزراعية والصحية والسياحية والتكنولوجية، تتابع هذه الخطة الجهنمية مسارها، وتهدف الآن إلى عزل لبنان عن المنطقة والعالم بخنقه نهائياً.

 

إنّ الحياد الإقتصادي كان منذ عقود حجراً أساسياً في بلادنا. وإقتصادنا كان ولا يزال ويجب أن يبقى إقتصاداً حراً ليس له طائفة، ولا مذهب ولا دين، ولا حزب، ولا أصدقاء ولا أعداء. فالإقتصاد الحقيقي يعني التبادل التجاري الدولي والإنفتاح على كل أنحاء العالم.

 

حينما نتكلم عن إقتصادنا، نفخر بالإنماء والريادة والإبتكار والنمو، والتميّز. ولن نُجزّء بين اللبنانيين والمناطق. نذكّر أنّ الفينيقيين جالوا العالم بأسطولهم المتين المصنوع من خشب أرزنا، وصدّروا الحرف والحضارة والثقافة والمعرفة والأرجوان، وتواصلوا مع كل الشعوب من دون إستثناء. فأجدادنا وأهلنا حملوا علمنا الوطني وزرعوه في كل أنحاء الكرة الأرضية، وبنوا لبناناً صغيراً في كل ركن من أركان العالم. وكانوا دائماً مرحّباً بهم، جرّاء مهاراتهم ومعرفتهم وسمعتهم الطيبة الدولية، ولا سيما حبّهم للحياة ومثابرتهم على النجاح، وخصوصاً حيادهم الإقتصادي عن كل التجاذبات الداخلية، الإقليمية والعالمية.

 

نذكّر ونفخر أنّ اللبنانيين يتعاملون مع الجميع، والجميع يتعامل مع اللبنانيين، منذ فجر التاريخ، وسيستمرون كذلك إلى الأبد. الإقتصاد ليس له صداقات ولا أعداء، وهو مبني على التبادل والإستثمار والريادة وتصدير وإستيراد المعرفة والنجاح.

 

إنّ الإقتصاد الحقيقي ليس له حدود، ولا ضوابط سياسية، لكن يعني إنفتاحاً وبناء شراكات مثمرة، وبنّاءة.

 

لا يُمكن لأي بلد في العالم أن يدفع إقتصاده وشعبه وإستثماراته ثمن الخلافات وبعض الخيارات السياسية. نتفهّم التفاوض على بعض الإتفاقات التجارية والضريبية بين البلدان، لكن عزل بلد مثل لبنان عن محيطه وعزل شعبه عن إخوانه بقرارات ليس له أي ذنب فيها، جريمة جديدة موصوفة في حق اللبنانيين، يتحمّل مسؤوليتها من يجرّ البلاد إلى وحول متحركة لأغراض مشبوهة.

 

كلما حاول الشعب اللبناني أن يتقدّم خطوة إلى الأمام، ليواجه ويتعايش مع هذه الأزمة الكارثية، يُعيدونه إلى الوراء أشواطاً، هادفين إلى تدمير، ليس فقط مؤسساته وإنمائه، إنما أيضاً آماله وأحلامه، ورؤيته الإنمائية.

 

إنّ الحياد الإقتصادي ليس خياراً، لا بل واجب، لكل بلدان العالم، ولا سيما للبنان، الذي كان وسيعود منصّة إقتصادية عالمية، شاء من شاء، وأبى من أبى. إنّه من المستحيل تحويل لبنان من إقتصاد حر إلى إقتصاد موجّه أو حتى إشتراكي أو شيوعي، فكل الإقتصادات الموجّهة في العالم فشلت وإنهارت وإنتهت ولا عودة إليها. لكن يا للأسف، دفع ثمن هذه المحاولات الفاشلة الشعوب والشركات والإقتصادات، وهذه الإيديولوجيات ما جلبت إلّا الفقر والعوز والجوع والمرض.

 

فالحياد الإقتصادي يعني الإنفتاح على العالم أجمع، وتصدير معرفتنا ونجاحاتنا وإعادة الدورة الإقتصادية والإنماء وتحسين نسبة العيش، والقيمة الشرائية. أما الإنغلاق والتقوقع لن يجلبا للبنان وشعبه وإقتصاده سوى التدهور والذل والتسول والفاقة.

 

نذكر بفخر بأنّ قوة لبنان هي بوجود جاليته في كل أنحاء العالم، التي إنخرطت في كل المجتمعات من دون إستثناء، ونجحت في كل القطاعات. إنّ هؤلاء الذين هربوا من المشاكل التي نواجهها اليوم على أرضنا تلحق بهم تلك الإنقسامات والتجاذبات، حتى في بلدانهم المضيفة، وتهدّد الإستقرار الذي بنوه من عرقهم. فهذه الإستراتيجية المدمّرة تهدف ليس فقط الى ضرب اللبنانيين المقيمين وإقتصاد لبنان، لكن أيضاً اللبنانيين المنتشرين في كل أنحاء العالم، والذين نجحوا وبرعوا، ولم ولن يستسلموا.

 

لم ولن ننسى التاريخ، ونذكر بفخر أنّ كل محاولات عزل لبنان، أدّت إلى فشل ذريع، لأنّ إبداع اللبنانيين كان دائماً يتجاوز كل المعوقات، وسيبرهن مرة أخرى مرونته، والتمسّك بإنفتاحه على المنطقة والعالم.

 

نختم ونشدّد على أنّ الحياد الإقتصادي هو من أسس لبنان، وضمن ركائزه ودستوره وتاريخه، حتى إذا حاول البعض تغيير هذا المسار وحتى لو نجح على المدى القصير، فإنّ المدى المتوسط والبعيد لم ولن يغيّر الركائز ولا التاريخ ولا الجذور المزروعة والمترسخه في صلب الأرض.