طبعاً واجبات الحكومة أن تحضّر خطة إنقاذ، إنسجاماً مع تركيبتها وتكليفها، ولكن السؤال المطروح هو: هل الخطة التي قدمتها الحكومة تفي بالغرض؟ لا أريد أن أكون سلبياً، ولكن عندي بعض الملاحظات وهي:
أولاً: خطة بحجم المأساة الاقتصادية التي يعيشها لبنان، بحاجة بالدرجة الاولى أن تلبّي احتياجات ورأي الجميع، أعني جميع أطراف المجتمع اللبناني.
ثانياً: الاجتماع الذي دعا إليه رئيس الجمهورية في القصر الجمهوري، كان يجب انعقاده قبل إقرار الخطة وليس بعد إقرارها.
ثالثاً: نحن نريد أن نستدين من صندوق النقد الدولي، فكيف يمكن أن نعلن اننا لا نريد أن ندفع ديوننا لغاية سنة 2035، ونذهب ونطلب من صندوق النقد الدولي أن يسلّفنا؟؟؟
هل يعقل أن تقول لا أريد أن أسدد ديوني، وتذهب للجهة نفسها وتقول لها أريد أن أستدين منك؟
رابعاً: تبيّـن أنّ هناك فرقاً في المعلومات وفي الأرقام، بين الخطة التي قدّمت لصندوق النقد الدولي، باللغة الانكليزية وبين المشروع الخطة، باللغة العربية. وهذا بحَدّ ذاته تزوير، أما القول للدفاع عن الخطة، إننا توجهنا بالخطة الى الصندوق باللغة الانكليزية، وباللغة العربية الى جامعة الدول العربية، فهو قول مردود وغير مقنع.
خامساً: الودائع الموجودة في البنوك وأموال البنوك، يحفظها الدستور، وقانون النقد والتسليف، فكيف وبأي شريعة يتم الإعتداء عليها؟!!
سادساً: المسؤول عن الدين الذي وصل الى 86 مليار دولار، هو الدولة بكامل هيئاتها التشريعية والتنفيذية. فلماذا وبأي حق يريدون أن يدفّعوا المواطن المودع في القطاع المصرفي ثمن أخطائهم وخطاياهم.
سابعاً: 27 سنة استطاع حاكم مصرف لبنان أن يحمي الليرة اللبنانية، وعشنا بنعمة اسمها نعمة رياض سلامة، الدولار بـ1515 ل.ل. في الوقت الذي كانت فيه كل الدول التي يعتبرها «الحزب العظيم» تعاني، مثلاً إيران عام 1978 أيام شاه إيران كان سعر صرف الدولار يساوي 6 تومان، اليوم 160.000 ماية وستون ألف تومان.
في سوريا كان الدولار يساوي 45 ليرة سورية، اليوم 1500 ليرة سورية.
في تركيا والعراق وحتى روسيا، إنهيار كامل في العملات، وحاكم مصرف لبنان يتصدّى لكل المؤامرات ويحافظ على سعر الصرف.
ثامناً: مرات ومرات، وعود ووعود ما شاء الله، وتشكيل حكومات وتعيين رؤساء جمهورية وتعطيل، وحروب الآخرين على أراضينا، ولا نريد أن نكرر القول الذي أصبح يعرفه المواطن اللبناني العادي تمام المعرفة أنّ الهدر وسوء الإدارة والتخمة في التوظيف العشوائي والمعابر غير الشرعية، والتعيينات المطلوبة التي يرفضها رأس الحكم… كل هذا وذلك جعل الدين يصل الى 86 مليار دولار.
أخيراً، نصف الدين بسبب الكهرباء، والنصف الثاني ناتج من التعيينات العشوائية والطائفية، وعندنا مثلان في لبنان: شركة M.E.A وشركة الريجي كانتا تخسران مئات الملايين من الدولارات، وأصبحتا من الشركات الرابحة عندما عيّـن لهما مديران ناجحان يستحقان التقدير.
كل ما نحتاجه بدل صفحات واختراعات ونظريات وتنظير، كل هذا يختصر بالإدارة السليمة الحكيمة والنيّات الحسنة وحسن التعاون بين الجميع.