Site icon IMLebanon

قراءة إقتصادية في قرار تصنيف «حزب الله» جماعة إرهابية

ماذا يعني على المستويين المالي والاقتصادي، أن يتم تصنيف «حزب الله» جماعة ارهابية من قبل وزراء الخارجية العرب، في اطار اجتماعات جامعة الدول العربية؟ وما هي التداعيات المحتملة لمثل هذا القرار في الايام الطالعة؟

اعتبر البعض ان البلد خرج بأقل خسائر ممكنة في اجتماع وزراء الخارجية العرب، وجاء الموقف الرسمي المتحفّظ على تصنيف حزب الله منظمة ارهابية، متماهياً مع سياسة الحكومة اللبنانية، ولم يُثر العاصفة التي أثارها قرار التحفّظ على ادانة الاعتداء الذي تعرضت له البعثة الدبلوماسية في طهران، وأدّى نظريا الى الأزمة في العلاقات، والتي بدأت مع تجميد الهبة السعودية للجيش اللبناني.

لكن ما اعتبره البعض أفضل الممكن، لن ينقذ البلد من التداعيات المحتملة للقرار العربي، على الوضع اللبناني في المرحلة المقبلة، على المستويات كافة، وفي مقدمها المستوى المالي والاقتصادي. وقد تراجعت الآمال في امكان تصحيح القرارات التصعيدية التي اتخذتها دول مجلس التعاون الخليجي في حق لبنان، وصار الوضع أصعب من السابق.

ماذا يعني عمليا قرار وزراء الخارجية العرب تصنيف حزب الله «جماعة ارهابية»؟

من حيث المبدأ، وبهدف تبسيط الشرح، يمكن القول ان في إمكان وزير الصناعة حسين الحاج حسن الانتقال الى كاتالونيا لمناقشة تطوير العلاقات الثنائية، ودعم التصدير الصناعي الى السوق الاوروبية.

وفي مقدوره أيضاً، استقبال المنسقة الخاصة لمنظمة الامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، للمطالبة باعطاء الصناعة اللبنانية الاولوية في عمليات شراء الامم المتحدة للمساعدات للنازحين السوريين، أو استقبال رئيس البعثة الاوروبية في لبنان باتريك رينو، لبحث تداعيات انضمام لبنان الى منظمة التجارة العالمية، لكن حسين الحاج حسن لن يكون قادرا على استقبال السفير المصري في بيروت محمد بدر الدين زايد، لبحث تنظيم استيراد البطاطا المصرية باسعار تشجيعية لمصانع «التشيبس» اللبنانية.

والحل الذي اعتمده وزير الصناعة في موضوع صناعة النبيذ، حيث اعتاد ايفاد الوزير جبران باسيل بدلا منه الى النشاطات المروّجة لهذه الصناعة، قد لا ينجح في اعتماده على مستوى العلاقات مع الدول العربية، لأن باسيل (أو سواه طبعا)، سيصبح في هذه الحالة، موفدا دائما لوزراء حزب الله، بدلا من ممارسة مهامه في الحقيبة التي يتولاها.

هذه المشهدية شبه الكاريكاتورية، قد لا تؤثر عمليا على الحركة الاقتصادية في لبنان، لكنها سوف تضرب الاقتصاد من حيث تأثيرها المعنوي على البلد. كما ان الكلام والمواقف التي قد تستتبع هذا القرار سوف تساهم في تشنيج الاجواء اكثر، وستنعكس مزيدا من الضيقة المالية والاقتصادية.

وقد بدأت بوادر هذا التشنّج تظهر بوضوح من خلال ردود الفعل على القرار. اذ، وبمجرد أن يُقال ان الدول التي صنّفت حزب الله منظمة ارهابية، هي دول داعمة لاسرائيل ضد المقاومة، مثل هذا الكلام التخويني الذي اعتدنا عليه في اللعبة الداخلية اللبنانية، قد لا يلقى التسامح نفسه في الخارج، ويؤدي الى مزيد من التصعيد.

بالاضافة الى ذلك، وبما أن الركن الاول للاقتصاد هو الثقة، يمكن القول ان الثقة اصبحت اليوم اكثر من مهزوزة، والدليل على ذلك ردود الفعل على الجريميتن اللتين اوديتا بحياة ثلاثة مواطنين كويتيين في لبنان.

اذ، وعلى رغم ان الجرائم ذات طابع شخصي لا علاقة له بالسياسة والمواقف، بادر السفير الكويتي الى دعوة مواطنيه ممن لا يزالون في لبنان الى مغادرته فورا. كذلك شعر الخليجيون بالقلق حيال ما جرى، لأن اجواء اللاثقة قائمة. في الحالات الطبيعية، لم تكن جرائم فردية من هذا النوع لتؤثر على الوجود الخليجي في البلد، لكن في المناخ القائم اليوم، انعكست رعباً وقلقاً في اوساط الخليجيين.

هذا النموذج، هو بمثابة مؤشر على التداعيات النفسية لتوتير العلاقات، وانعكاسها الحتمي على العلاقات المالية والاقتصادية. فالمواطن الخليجي الذي تطلب منه حكومته عدم المجيء الى لبنان، أو مغادرته على وجه السرعة اذا كان لا يزال موجودا فيه، لن يكون متحمسا لايداع امواله او استثماراته في بلد لا يجرؤ على زيارته. انها معادلة بسيطة وواضحة، وسوف نقرأ نتائجها في المرحلة الطالعة من خلال الأرقام والنتائج.