«نتخوّف اليوم ممن يطرق بابنا متسوّلاً لشراء ربطة خبز. لكن الخوف الأكبر غداً هو أن يتربص لنا المتسوّل نفسه تحت «إدراج منازلنا…». هذا بعض من السيناريو المخيف الذي استقرأه النائب ميشال ضاهر لمستقبل لبنان، في حديثه إلى «الجمهورية»، سواءً من الناحية الاقتصادية، أم من الناحية الاجتماعية بسبب «الإجتياح البرّي» للنازحين السوريين، مفترضاً تسلسل التطورات التي يتخوّف من انعكاساتها على المواطن اللبناني عموماً، وعلى «حامي الحدود» خصوصاً.
وفي السياق، كشف ضاهر، انّ لبنان لم يوقّع في الأمم المتحدة وجوب إدخال النازحين، بعكس ما يتمّ التداول به. ويحق للبنان ردعهم، لأنّ هؤلاء اتوا الى لبنان بهدف الحصول على فرص عمل، وليس هرباً من الحرب. في وقت يرى انّ اللبنانيين اليوم تخطّوا مرحلة الانهيار، خصوصاً بعد النزوح السوري الذي تخطّى المليونين ونصف المليون، والذي سيوصل الينا الزلزال…
وتوجّه ضاهر إلى المجتمع الدولي الذي اشترط العودة الآمنة للنازحين السوريين بالسؤال: «هل انّ النازحين الذين تؤويهم الخيم في لبنان يعيشون في كرامة؟ وهل انّ حالة المواطن اللبناني أفضل في منزله؟ وهل يُسمح للمواطن اللبناني العيش في وطنه بكرامة بعد فرض النزوح السوري الاقتصادي عليه وسلبه منزله ومؤسساته وفرص العمل؟ وكل ذلك يحصل امام نظر المجتمع الدولي وصمته!».
من جهة اخرى، يحذّر ضاهر من الوضع الاقتصادي الذي سيستفحل مع النقص الكبير للدولار الاميركي في السوق اللبنانية، بسبب سياسة الترقيع التي عالج بها مصرف لبنان الأزمة الاقتصادية خلال السنوات الفائتة، متخوّفاً من انّ هذا النقص المخيف للدولار في السوق اللبنانية سيؤدي حتماً إلى ارتفاع صاروخي لسعر صرف الدولار، الذي سيكون دراماتيكياً على المواطن اللبناني.
ما بالنسبة إلى المنصّة الجديدة «بلومبرغ»، فأوضح ضاهر «انّ المواطن اساساً لم يكن يبيع ما يملك من دولارات على منصّة «صيرفة»، لأنّ دولارات صيرفة كان مصدرها المصرف المركزي واموال المودعين، اما الآن ومع توقّف «صيرفة» واعتماد منصّة «بلومبرغ»، والتي هي عبارة عن سوق عرض وطلب، لم تعد هناك من امكانية للمصرف المركزي التدخّل في سوق القطع، بل على من يريد شراء الدولارات التواصل مع المصارف ويعرض او يطلب شراء الدولار، وبذلك يكون الخوف اليوم بسقف الدولار الذي لن تعود هناك إمكانية للسيطرة عليه، اي انّ الوضع اصبح أشبه بالمزاد العلني بفعل العرض والطلب على الدولار».
خطورة العقود الآجلة
الضاهر يحذّر من «العقود الآجلة الخطيرة، والتي تقتضي الإقرار بالبيع او الشراء. فعلى سبيل المثال، عملية شراء مليار ليرة لبنانية بعد 6 اشهر هي عملياً شراء عملة مؤجّلة ليست في متناول اليد، بل هي عملة وهمية يراهن صاحبها من خلال العقد الآجل على تغيّر وتبدّل سعر الصرف، اي قد يكون سعر الصرف عند إبرام العقد بقيمة 90 الفاً ويرتفع بعد 6 اشهر ليصبح مثلاً 130 الف ليرة، الامر الذي يؤدي الى انهيار قيمة الليرة التي ستصبح لزوم ما لا يلزم، وتصبح خارج التداول في المطلق».
وفي السياق، يتخوّف ضاهر من العجز المالي الذي بلغ 46 الف مليار، متسائلاً كيف ستغطيه الدولة مع رفض حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري القاطع بعدم إقراضها وبالتوقف عن طباعة الليرة؟!، اي انّ الأمر سيؤدي الى توقف رواتب القطاع العام نهائياً، وبذلك فإنّ 350 الف عامل في حقل الدولة، اي ما يعادل تقريبًا الـ 30 في المئة من القوى العاملة في لبنان لن تتمكن من دفع فواتيرها ولن تستطيع تأمين المأكل، وهذا يعني انّ هؤلاء سينطلقون إلى ثورة حقيقية او سيُحدثون فوضى أمنية مخيفة ومجهولة… وبسبب هذا الواقع فإنّ الزلزال الحقيقي الآتي هو المشهدية الآتي
إقفال كافة المؤسسات العامة ونزول العاملين الى الشوارع، صرف جماعي للموظفين في الشركات، إقفال المؤسسات بسبب عدم القدرة الشرائية لدى المواطن اللبناني، المدارس لن تستكمل العام الدراسي».
النزوح السوري
وفي سياق متصل، تخوف ضاهر من خطورة النزوح وتداعياته، معتبراً انّه مع الحدود المشرّعة والوضع الاقتصادي المنهار والضاغط في سوريا، هرع النازحون إلى لبنان، مؤكّداً «انّهم نازحون اقتصاديون، إذ انّهم لم يهربوا من الحرب بل من الجوع، إلى وطن يئن من الجوع الأكبر. لكنه لم يستبعد توقيت قدومهم بالمعارك المتجدّدة في عين الحلوة، وفرضية انضمام البعض منهم الى المخيمات الفلسطينية، بعدما أكّدت المعلومات انّ غالبية النازحين الجدد هم من الفئات العمرية الشابة.
مسؤولية الجيش
عن تحمّل الجيش اللبناني المسؤولية الأكبر للنزوح البري الزاحف، يلفت ضاهر إلى انّه «بعد اتخاذ حاكم لبنان بالإنابة وسيم منصوري القرار بوقف طباعة الليرة، كيف ستتمّ تغطية 46 مليار ليرة عجزاً؟». موضحاً اّن «الامر مثلما سينعكس على موظفي القطاع العام سينعكس ايضاً على عناصر الجيش الذين لديهم ايضاً عائلات يريدون إطعامها»، متسائلاً: «كيف ستستطيع الدولة تغطية عجز موازنة هذه السنة؟».
اما عن مسؤولية عناصر الجيش فقال ضاهر: «كيف يستطيع عنصر الجيش ضبط 300 كيلومتر حدود «فلتانة»، في وقت حوّلنا قائد الجيش متسوّلاً على الرغم من انّ الدولة القطرية مشكورة أعطته 30 مليون دولار، لأنّه فعلاً لا يملك فلساً ولا يملك حتى محروقات للتنقل». ومن هذا المنطلق يعترف ضاهر «انّ هناك ثغرات على الحدود، وهي ليست مضبوطة 100%، علماً انّ 8 آلاف جندي لبناني يحمون هذه الحدود في وقت يلزمنا 40 الف جندي لهذا الغرض»، جازماً القول بأنّه «اذا ما استمر الوضع الاقتصادي في التدهور فإنّ الحدود ستصبح «فلتانة» 100%». متسائلاً في هذه الحالة عمّا إذا كانت حماية الحدود «ستكون همّ الجندي أو عائلته الجائعة، والتي قد تضطره الى بيع بندقيته لإطعامه»…
شبكات سورية
وفي السياق، كشف ضاهر «انّ النازحين السوريين اصبحوا اليوم يسيطرون على اسواق العمل، فأقاموا شبكات متخصّصة لحبك الدورة الاقتصادية في لبنان لمصلحتهم، أي سوري يزرع والآخر يوزع وغيره يبيع، محكمين بذلك قبضتهم على دورة اقتصادية كاملة داخل الاراضي اللبنانية».
وامام هذا الواقع يختم ضاهر سائلاً المعنيين قبل اختيار رئيس للجمهورية «عمّا اذا كانوا فعلاً يريدون بناء وطن، واي لبنان يريدون؟ والاّ فلا لزوم للرئيس اذا استمرت حالة الإنكار»، مستغرباً أمام هذا الواقع «كيف لا يزال المعنيون يحورون ويدورون حول الحوار، ويلهون الاعلام بموضوع الشذوذ الذي لا يجب ان يكون اولوية، إذ لا يجب إضاعة البوصلة بل يجب ان يدرك الجميع انّه لم تعد هناك اولويات أمام القنابل الموقوتة المتمثلة بالاجتياح السوري المتجدّد على لبنان».