IMLebanon

طوارئ إقتصادية

 

دعا رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي إلى «إعلان حال طوارئ إقتصادية وإقفال البلد ثلاثة أيام إلى حين إستقرار الأمور وثبات سعر الصرف عند مستويات منطقيّة». مُضيفاً في مقارنة مع الخارج: «عندما تشهد البورصات العالمية تقلّبات كبيرة صعوداً أو نزولاً في الأسعار، تعمد إلى الإقفال، ليس بهدف حماية رؤوس الأموال بل لحماية المتداولين والمواطنين».

 

هذه الدعوة بمثابة صرخة تصدر عن أحد أبرز المطّلعين عن قرب على أسعار المواد الغذائية، وتحمل في طيّاتها تحذيراً من أننا ماضون إلى وقتٍ، قد لا يكون بعيداً، لا يعود في قدرة المستهلك أن يتمكّن من الحدّ الأدنى لتأمين اللقمة.

 

من أسف أننا وصلنا إلى هنا. والمؤمَّل الآن أن تنجح تجربة «المنصّة» التي يعمل مصرف لبنان على إقامتها لتأمين سعر مقبول لصرف الدولار إزاء العملة الوطنية، فيُعرَف لماذا ارتفعت الورقة الخضراء ولماذا تراجعَت، ولماذا لم تتراجع فيما كان يجب أن تفعل. ذلك أنّ الواقع المالي القائم حالياً تتحكّم به عصابات السوق السوداء والمافيات و»صرّافو الشنطة» الذين يتلاعبون بالأسعار وفق مشيئتهم أو مشيئة من يوجّههم من الخارج، فيُفرَض على المواطن اللبناني المغلوب على أمره أن يزداد غَلَبَةً وأن يتضاعف عجزه عن القيام بأود معيشته، ولو في المستوى الأدنى.

 

والذين يُحذّرون من تحرّك الناس، في الشارع، إعتراضاً على الإنفلات الكبير في سعر الدولار الأميركي، ومن دون حدود، يجب أن يُدركوا أنّ للصبر حدوداً، وأنّ للإحتمال طاقةً، وأنّ «الإناء الذي لا يفيض يكون عائباً».

 

فماذا يُنتظَر من العاجز عن توفير عبوة الحليب لأطفاله؟ لم نعد اليوم نتحدّث عن المدرسة والكتاب والرداء. فهذه (وهي من حيث المبدأ أضعف الإيمان) باتت ترفاً من الماضي! وماذا يُنتظَر منه أن يفعل؟ ليس أمامه إلا حدّان، إما أن يقف شاهد زور على جوع أبنائه أو أن يلجأ إلى أي سبيل، أكيد أي سبيل، يوصله إلى اللقمة ولو بالتصرّف الذي ينهونه عنه… وفي هذا السياق يكون النزول إلى الشارع أضعف الخيارات.

 

نقول هذا توصيفاً لواقع الحال وليس حضّاً على أيّ تصرّف، ولكنّ الجوع الكافر، خصوصاً جوع الأبناء، وبالذات الأطفال منهم، لا يقف في وجهه قانون ولا يتقدّم عليه أيّ نصائح سفسطائية وأيّ كلام فارغ.

 

السلطة عاجزة؟ هذا جواب لا يُشبع جائعاً، ولا يروي عطِشاً، ولا يكسو عارياً، ولا يشتري كتاباً ودواءً، ولا يملأ خزّان سيّارة بالمحروقات، ولا يُعيد بسمة إفتقدتها الثغور منذ أمد طويل في بلدي.